الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالباطِلِ﴾ يَعْنِي: لا تَخْلِطُوا الحَقَّ بِالباطِلِ، واللَّبْسُ خَلْطُ الأُمُورِ، وفِيهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ﴾ [الأنْعامِ: ٩] قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَعْناهُ: ولَخَلَطْنا عَلَيْهِمْ ما كانُوا يَخْلِطُونَ، ومِنهُ قَوْلُ العَجّاجِ: ؎ لَمّا لَبَسْنَ الحَقَّ بِالتَّجَنِّي غَنِينَ واسْتَبْدَلْنَ زَيْدًا مِنِّي وَفِي قَوْلِهِ: ﴿الحَقَّ بِالباطِلِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: الصِّدْقُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: اليَهُودِيَّةُ والنَّصْرانِيَّةُ بِالإسْلامِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ. والثّالِثُ: الحَقُّ: التَّوْراةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلى مُوسى، والباطِلُ: الَّذِي كَتَبُوهُ بِأيْدِيهِمْ. (p-١١٣) وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَكْتُمُوا الحَقَّ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا، ومَعْرِفَةَ نُبُوَّتِهِ، ﴿وَأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أنَّهُ في الكُتُبِ الَّتِي بِأيْدِيكُمْ، وهَذا قَوْلُ الجَمِيعِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ﴾ أمّا الصَّلاةُ: فَقَدْ مَضى الكَلامُ فِيها. وَأمّا الزَّكاةُ: فَفي تَسْمِيَةِ صَدَقَةِ الأمْوالِ بِها، قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مِن تَثْمِيرِ المالِ وزِيادَتِهِ، ومِنهُ قَوْلُهُمْ: زَكا الزَّرْعُ، إذا زادَ، ويُقالُ: زَكا الفَرْدُ إذا صارَ زَوْجًا بِزِيادَةِ الزّائِدِ عَلَيْهِ حَتّى صارَ شَفْعًا كَما قالَ الشّاعِرُ: ؎ كانُوا خَسًا أوْ زَكًا مِن دُونِ أرْبَعَةٍ ∗∗∗ لَمْ يُخْلَقُوا وجُدُودُ النّاسِ تَعْتَلِجُ فَخَسًا: الوِتْرُ، وزَكًا: الشَّفْعُ، وقالَ الرّاجِزُ: ؎ فَلا خَسًا عَدِيدُهُ ولا زَكًا ∗∗∗ كَما شِرارُ البَقْلِ أطْرافُ السَّفا السَّفا: شَوْكُ البُهْمى، والبُهْمى: الشَّوْكُ المَمْدُودُ مِثْلَ السَّبْلى. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّطْهِيرِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: (أقَتَلْتَ نَفَسًا زاكِيَةً) [الكَهْفِ: ٧٤] أيْ طاهِرَةً مِنَ الذُّنُوبِ. وَفِيما يُطَهَّرُ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ تَطْهِيرُ المالِ حَتّى صارَ بِأداءِ الحَقِّ مِنهُ حَلالًا ولَوْلاهُ لَخَبُثَ. الثّانِي: تَطْهِيرُ نَفْسِ المُزَكِّي، فَكَأنَّ المُزَكِّيَ طَهَّرَ نَفْسَهُ مِنَ الشُّحِّ والبُخْلِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ أرادَ جُمْلَةَ الصَّلاةِ، فَعَبَّرَ عَنْها بِالرُّكُوعِ، كَما يَقُولُ الإنْسانُ: فَرَغْتُ مِن رُكُوعِي، أيْ مِن صَلاتِي. والثّانِي: أنَّهُ أرادَ الرُّكُوعَ الَّذِي في الصَّلاةِ، لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ في صَلاةِ أهْلِ (p-١١٤) الكِتابِ رُكُوعٌ، فَأمَرَهم بِما لا يَفْعَلُونَهُ في صَلاتِهِمْ. وَفي أصْلِ الرُّكُوعِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّطامُنِ والِانْحِناءِ، وهو قَوْلُ الخَلِيلِ، وابْنِ زَيْدٍ، قالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ: ؎ أُخَبِّرُ أخْبارَ القُرُونِ الَّتِي مَضَتْ ∗∗∗ أدِبُّ كَأنِّي كُلَّما قُمْتُ راكِعُ والثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ المَذَلَّةِ والخُضُوعِ، وهو قَوْلُ الأصْمَعِيِّ والمُفَضَّلِ، قالَ الأضْبَطُ بْنُ قُرَيْعٍ السَّعْدِيُّ: ؎ لا تُذِلَّ الضَّعِيفَ عَلَّكَ أنْ تَرْ ∗∗∗ كَعَ يَوْمًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب