الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أنَّ لَهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ بَشِّرْ مِنَ البِشارَةِ، أوْ خَبَرٌ يَرِدُ عَلَيْكَ بِما يَسُرُّ، وقِيلَ: بِما يُسِرُّ ويُغِمُّ، وإنَّما كَثُرَ اسْتِعْمالُهُ فِيما يَسُرُّ، حَتّى عُدِلَ بِهِ عَمّا يُغِمُّ، وهو مَأْخُوذٌ مِنَ البَشَرَةِ وهي ظاهِرُ الجِلْدِ لِتَغَيُّرِها بِأوَّلِ خَبَرٍ [يَرِدُ عَلَيْهِ] . والجَنّاتُ جَمْعُ جَنَّةٍ، وهي البُسْتانُ ذُو الشَّجَرِ، وسُمِّيَ جَنَّةً لِأنَّ ما فِيهِ مِنَ الشَّجَرِ يَسْتُرُهُ، وقالَ المُفَضَّلُ: الجَنَّةُ كُلُّ بُسْتانٍ فِيهِ نَخْلٌ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَجَرٌ غَيْرُهُ، فَإنْ كانَ فِيهِ كَرْمٌ فَهو فِرْدَوْسٌ، كانَ فِيهِ شَجَرٌ غَيْرُ الكَرْمِ أوْ لَمْ يَكُنْ. (p-٨٦) ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ يَعْنِي مِن تَحْتِ الشَّجَرِ، وقِيلَ: إنَّ أنْهارَ الجَنَّةِ تَجْرِي مِن غَيْرِ أُخْدُودٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كُلَّما رُزِقُوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ رِزْقًا قالُوا هَذا الَّذِي رُزِقْنا مِن قَبْلُ﴾ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: ﴿رُزِقُوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ رِزْقًا﴾ أيْ مِن ثِمارِ شَجَرِها. ﴿قالُوا هَذا الَّذِي رُزِقْنا مِن قَبْلُ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّ مَعْناهُ: أنَّ هَذا الَّذِي رُزِقْناهُ مِن ثِمارِ الجَنَّةِ، مِثْلُ الَّذِي رُزِقْناهُ مِن ثِمارِ الدُّنْيا، وهَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ وقَتادَةَ. والثّانِي: أنَّ ثِمارَ الجَنَّةِ إذا جَنَيْتَ مِن أشْجارِها، اسْتَخْلَفَ مَكانَها مِثْلُها، فَإذا رَأوْا ما اسْتَخْلَفَ بَعْدَ الَّذِي جُنِيَ، اشْتُبِهَ عَلَيْهِمْ، فَقالُوا: ﴿هَذا الَّذِي رُزِقْنا مِن قَبْلُ﴾، وهو قَوْلُ أبِي عُبَيْدٍ ويَحْيى بْنِ أبِي كَثِيرٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ مَعْنى التَّشابُهِ أنَّ كُلَّهُ خِيارٌ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا ولَيْسَ كَثِمارِ الدُّنْيا، الَّتِي لا تَتَشابَهُ لِأنَّ فِيها خِيارًا وغَيْرَ خِيارٍ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ وقَتادَةَ وابْنِ جُرَيْجٍ. والثّانِي: أنَّ التَّشابُهَ في اللَّوْنِ دُونَ الطَّعْمِ فَكَأنَّ ثِمارَ الجَنَّةِ في ألْوانِ ثِمارِ الدُّنْيا، وإنْ خالَفَتْها في الطَّعْمِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ مَسْعُودٍ والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ. والثّالِثُ: أنَّ التَّشابُهَ في الأسْماءِ دُونَ الألْوانِ والطُّعُومِ، فَلا تُشْبِهُ ثِمارَ الجَنَّةِ شَيْئًا مِن ثِمارِ الدُّنْيا في لَوْنٍ ولا طَعْمٍ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ الأشْجَعِيِّ ولَيْسَ بِشَيْءٍ. (p-٨٧) قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلَهم فِيها أزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ في الأبْدانِ، والأخْلاقِ، والأفْعالِ، فَلا يَحِضْنَ، ولا يَلِدْنَ، ولا يَذْهَبْنَ إلى غائِطٍ ولا بَوْلٍ، وهَذا قَوْلُ جَمِيعِ أهْلِ التَّفْسِيرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب