الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ﴾ وفي المُحافَظَةِ عَلَيْها قَوْلانِ: أحَدُهُما: ذِكْرُها.
والثّانِي: تَعْجِيلُها.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والصَّلاةِ الوُسْطى﴾ وإنَّما خَصَّ الوُسْطى بِالذِّكْرِ وإنْ دَخَلَتْ في جُمْلَةِ الصَّلَواتِ لِاخْتِصاصِها بِالفَضْلِ، وفِيها خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها صَلاةُ العَصْرِ، وهو قَوْلُ عَلِيٍّ، وأبِي هُرَيْرَةَ، وأبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، (p-٣٠٨)وَأبِي أيُّوبَ، وعائِشَةَ، وأُمِّ سَلَمَةَ، وحَفْصَةَ، وأُمِّ حَبِيبَةَ.
رَوى عَمْرُو بْنُ رافِعٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّها قالَتْ لِكاتِبِ مُصْحَفِها: إذا بَلَغْتَ مَواقِيتَ الصَّلاةِ فَأخْبِرْنِي، حَتّى أُخْبِرَكَ بِما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَلَمّا أخْبَرَها قالَتِ: اكْتُبْ، فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى وهي صَلاةُ العَصْرِ)» . ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمانِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «لَمْ يُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ العَصْرَ يَوْمَ الخَنْدَقِ إلّا بَعْدَما غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقالَ: (ما لَهم مَلَأ اللَّهُ قُلُوبَهم وقُبُورَهم نارًا شَغَلُونا عَنِ الصَّلاةِ الوُسْطى حَتّى غابَتِ الشَّمْسُ)» . ورَوى التَّيْمِيُّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « ( الصَّلاةُ الوُسْطى صَلاةُ العَصْرِ)» . والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها صَلاةُ الظُّهْرِ، وهو قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، وابْنِ عُمَرَ.
قالَ ابْنُ عُمَرَ: هي الَّتِي تَوَجَّهَ فِيها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى القِبْلَةِ. (p-٣٠٩)
وَرَوى ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهاجِرَةِ، ولَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلاةً أشَدَّ عَلى أصْحابِهِ مِنها، قالَ فَنَزَلَتْ: ﴿حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى﴾» وقالَ: إنَّ قَبْلَها صَلاتَيْنِ وبَعْدَها صَلاتَيْنِ.
والقَوْلُ الثّالِثُ: أنَّها صَلاةُ المَغْرِبِ، وهو قَوْلُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ لِأنَّها لَيْسَتْ بِأقَلِّها ولا بِأكْثَرِها ولا تُقْصَرُ في السَّفَرِ، وأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُؤَخِّرْها عَنْ وقْتِها ولَمْ يُعَجِّلْها.
والقَوْلُ الرّابِعُ: أنَّها صَلاةُ الصُّبْحِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ، وجابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُصَلِّيها بَيْنَ سَوادِ اللَّيْلِ وبَياضِ النَّهارِ، تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ﴾ ولا صَلاةَ مَفْرُوضَةً يُقْنَتُ فِيها إلّا الصُّبْحُ، ولِأنَّها بَيْنَ صَلاتَيِ لَيْلٍ وصَلاتَيْ نَهارٍ.
والقَوْلُ الخامِسُ: أنَّها إحْدى الصَّلَواتِ الخَمْسِ ولا تُعْرَفُ بِعَيْنِها، لِيَكُونَ أبْعَثَ لَهم عَلى المُحافَظَةِ عَلى جَمِيعِها، وهَذا قَوْلُ نافِعٍ، وابْنِ المُسَيِّبِ، والرَّبِيعِ ابْنِ خُثَيْمٍ.
وَفِيها قَوْلٌ سادِسٌ: أنَّ الصَّلاةَ الوُسْطى صَلاةُ الجُمُعَةِ خاصَّةً.
وَفِيها قَوْلٌ سابِعٌ: أنَّ الصَّلاةَ الوُسْطى صَلاةُ الجَماعَةِ مِن جَمِيعِ الصَّلَواتِ.
وَفي تَسْمِيَتِها بِالوُسْطى ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لِأنَّها أوْسَطُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ مَحَلًّا، لِأنَّها بَيْنَ صَلاتَيْ لَيْلٍ وصَلاتَيْ نَهارٍ.
والثّانِي: لِأنَّها أوْسَطُ الصَّلاةِ عَدَدًا، لِأنَّ أكْثَرَهُنَّ أرْبَعٌ وأقَلَّهُنَّ رَكْعَتانِ.
والثّالِثُ: لِأنَّها أفْضَلُ الصَّلَواتِ ووَسَطُ الشَّيْءِ ووُسْطاهُ أفْضَلُهُ، وتَكُونُ الوُسْطى بِمَعْنى الفُضْلى.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ﴾ وفِيهِ سِتَّةُ تَأْوِيلاتٍ: (p-٣١٠)
أحَدُها: يَعْنِي طائِعِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والضَّحّاكُ، والشَّعْبِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والحَسَنُ، وعَطاءٌ.
والثّانِي: ساكِتِينَ عَمّا نَهاكُمُ اللَّهُ أنْ تَتَكَلَّمُوا بِهِ في صَلاتِكم، وهو قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وزَيْدِ بْنِ أرْقَمَ، والسُّدِّيِّ، وابْنِ زَيْدٍ.
والثّالِثُ: خاشِعِينَ، نَهْيًا عَنِ العَبَثِ والتَّفَلُّتِ، وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ، والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ.
والرّابِعُ: داعِينَ، وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والخامِسُ: طُولُ القِيامِ في الصَّلاةِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ.
والسّادِسُ: ..... وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أيْضًا.
واخْتُلِفَ في أصْلِ القُنُوتِ، عَلى ثَلاثَةِ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ أصْلَهُ الدَّوامُ عَلى أمْرٍ واحِدٍ.
والثّانِي: أصْلُهُ الطّاعَةُ.
والثّالِثُ: أصْلُهُ الدُّعاءُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالا أوْ رُكْبانًا﴾ الرِّجالُ جَمْعُ راجِلٍ، والرُّكْبانُ جَمْعُ راكِبٍ، مِثْلُ قائِمٍ وقِيامٍ.
يَعْنِي فَإنْ خِفْتُمْ مِن عَدُوِّكم، فَصَلُّوا عَلى أرْجُلِكم أوْ رَكائِبِكم، وُقُوفًا ومُشاةً، إلى القِبْلَةِ وغَيْرِ القِبْلَةِ، مُومِئًا أوْ غَيْرَ مُومِئٍ، عَلى حَسَبِ قُدْرَتِهِ.
واخْتُلِفَ في قَدْرِ صَلاتِهِ، فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّها عَلى عَدَدِها تُصَلّى رَكْعَتَيْنِ، وقالَ الحَسَنُ: تُصَلّى رَكْعَةً واحِدَةً إذا كانَ خائِفًا.
واخْتَلَفُوا في وُجُوبِ الإعادَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ أمْنِهِ، فَذَهَبَ أهْلُ الحِجازِ إلى سُقُوطِ الإعادَةِ عَنْهُ لِعُذْرِهِ.
وَذَهَبَ أهْلُ العِراقِ إلى وُجُوبِ الإعادَةِ عَلَيْهِ لِأنَّ مَشْيَهُ فِيها عَمَلٌ لَيْسَ مِنها.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَإذا أمِنتُمْ فاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكم ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ وفِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ فَإذا أمِنتُمْ فَصَلُّوا كَما عَلَّمَكم، وهو قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ. (p-٣١١)
والثّانِي: يُرِيدُ فاذْكُرُوهُ بِالثَّناءِ عَلَيْهِ والحَمْدِ لَهُ، كَما عَلَّمَكم مِن أمْرِ دِينِكم ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ.
{"ayahs_start":238,"ayahs":["حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِینَ","فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانࣰاۖ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ"],"ayah":"فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانࣰاۖ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











