قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ وهو أوَّلُ الطَّلاقَيْنِ لِمَن كانَ قَبْلَ الدُّخُولِ كارِهًا، لِرِوايَةِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « (إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ لا يُحِبُّ الذَّوّاقِينَ ولا الذَّوّاقاتِ)» . يَعْنِي الفِراقَ بَعْدَ الذَّوْقِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ يَعْنِي صَداقًا ﴿فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ لَهُنَّ لَيْسَ عَلَيْكم غَيْرُهُ لَهُنَّ، ﴿إلا أنْ يَعْفُونَ﴾ يَعْنِي بِهِ عَفْوَ الزَّوْجَةِ، لِيَكُونَ عَفْوُها أدْعى إلى خِطْبَتِها، ويُرَغِّبَ الأزْواجَ فِيها. (p-٣٠٧)
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ هو الوَلِيُّ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وطاوُسٍ، والحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ، والسُّدِّيِّ.
الثّانِي: هو الزَّوْجُ، وبِهِ قالَ عَلِيٌّ، وشُرَيْحٌ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ وجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، ومُجاهِدٍ، وأبُو حُذَيْفَةَ.
والثّالِثُ: هو أبُو بَكْرٍ، والسَّيِّدُ في أُمَّتِهِ، وهو قَوْلُ مالِكٍ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ وفي المَقْصُودِ بِهَذا الخِطابِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ خِطابٌ لِلزَّوْجِ وحْدَهُ، وهو قَوْلُ الشَّعْبِيِّ.
والثّانِي: أنَّهُ خِطابٌ لِلزَّوْجِ والزَّوْجَةِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
وَفي قَوْلِهِ: ﴿أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أقْرَبُ لِاتِّقاءِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما ظُلْمَ صاحِبِهِ.
والثّانِي: أقْرَبُ إلى اتِّقاءِ مَعاصِي اللَّهِ.
{"ayah":"وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِیضَةࣰ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّاۤ أَن یَعۡفُونَ أَوۡ یَعۡفُوَا۟ ٱلَّذِی بِیَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوۤا۟ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلۡفَضۡلَ بَیۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ"}