الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ﴾ مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُؤْلُونَ﴾ أيْ يُقْسِمُونَ، والألْيَةُ: اليَمِينُ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ كُفِينا مِن تَعَنُّتٍ مِن نِزارٍ وأحْلَلْنا إلَيْهِ مُقْسِمِينا
وَفِي الكَلامِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: لِلَّذِينِ يُؤْلُونَ أنْ يَعْتَزِلُوا مِن نِسائِهِمْ لَكِنَّهُ إنَّما دَلَّ عَلَيْهِ ظاهِرُ الكَلامِ.
واخْتَلَفُوا في اليَمِينِ الَّتِي يَصِيرُ بِها مُولِيًا عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: هي اليَمِينُ بِاللَّهِ وحْدَهُ.
والثّانِي: هي كُلُّ عَيْنٍ لَزِمَ الحَلِفُ في الحِنْثِ بِها ما لَمْ يَكُنْ لازِمًا لَهُ وكِلا القَوْلَيْنِ عَنِ الشّافِعِيِّ.
واخْتَلَفُوا في الَّذِي إذا حَلَفَ عَلَيْهِ صارَ مُولِيًا عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: هو أنْ يَحْلِفَ عَلى امْرَأتِهِ في حالِ الغَضَبِ عَلى وجْهِ الإضْرارِ بِها، أنْ لا يُجامِعَها في فَرْجِها، وأمّا إنْ حَلَفَ عَلى غَيْرِ وجْهِ الإضْرارِ، وعَلى غَيْرِ الغَضَبِ فَلَيْسَ بِمُولٍ، وهو قَوْلُ عَلِيٍّ، وابْنِ عَبّاسٍ وعَطاءٍ.
والثّانِي: هو أنْ يَحْلِفَ أنْ لا يُجامِعَها في فَرْجِها، سَواءٌ كانَ في غَضَبٍ أوْ غَيْرِ غَضَبٍ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ، وابْنِ سِيرِينَ، والنَّخَعِيِّ، والشّافِعِيِّ.
والثّالِثُ: هو كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ بِها في مَساءَةِ امْرَأتِهِ عَلى جِماعٍ أوْ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: واللَّهِ لَأسُوءَنَّكِ أوْ لَأغِيظَنَّكِ، وهو قَوْلُ ابْنِ المُسَيِّبِ، والشَّعْبِيِّ، والحَكَمِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَإنْ فاءُوا﴾ يَعْنِي رَجَعُوا، والفَيْءُ والرُّجُوعُ مِن حالٍ إلى حالٍ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَتّى تَفِيءَ إلى أمْرِ اللَّهِ﴾ [الحُجُراتِ: ٩] أيْ تَرْجِعَ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ فَفاءَتْ ولَمْ تَقْضِ الَّذِي أقْبَلَتْ لَهُ ∗∗∗ ومِن حاجَةِ الإنْسانِ ما لَيْسَ قاضِيا
(p-٢٨٩)
وَفِي الفَيْءِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: الجِماعُ لا غَيْرَ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومَن قالَ: إنَّ المُولِيَ هو الحالِفُ عَلى الجِماعِ دُونَ غَيْرِهِ.
والثّانِي: الجِماعُ لِغَيْرِ المَعْذُورِ، والنِّيَّةُ بِالقَلْبِ وهو قَوْلُ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ.
والثّالِثُ: هو المُراجَعَةُ بِاللِّسانِ بِكُلِّ غالِبٍ أنَّهُ الرِّضا، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، ومَن قالَ: إنَّ المُولِيَ هو الحالِفُ عَلى مَساءَةِ زَوْجَتِهِ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أرادَ غُفْرانَ الإثْمِ وعَلَيْهِ الكَفّارَةُ، قالَهُ عَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ وسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ.
والثّانِي: غَفُورٌ بِتَخْفِيفِ الكَفّارَةِ وإسْقاطِها، وهَذا قَوْلُ مَن زَعَمَ أنَّ الكَفّارَةَ لا تَلْزَمُ فِيما كانَ الحِنْثُ بِرًّا، قالَهُ الحَسَنُ، وإبْراهِيمُ.
والثّالِثُ: غَفُورٌ لِمَأْثَمِ اليَمِينِ، رَحِيمٌ في تَرْخِيصِ المَخْرَجِ مِنها بِالتَّكْفِيرِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ﴾ الآيَةَ.
قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ: (وَإنْ عَزَمُوا السَّراحَ)، وفِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ عَزِيمَةَ الَّذِي لا يَفِيءُ حَتّى تَمْضِيَ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ فَتُطَلَّقَ بِذَلِكَ.
واخْتَلَفَ مَن قالَ بِهَذا في الطَّلاقِ الَّذِي يَلْحَقُها عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: طَلْقَةٌ بائِنَةٌ، وهو قَوْلُ عُثْمانَ، وعَلِيٍّ، وابْنِ زَيْدٍ، وزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، وابْنِ مَسْعُودٍ، وابْنِ عُمَرَ، وابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وهو قَوْلُ ابْنِ المُسَيِّبِ، وأبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وابْنِ شُبْرُمَةَ.
الثّانِي: أنْ تَمْضِيَ الأرْبَعَةُ الأشْهُرُ، يَسْتَحِقُّ عَلَيْها أنْ يَفِيءَ، أوْ يُطَلِّقَ، وهو قَوْلُ عُمَرَ، وعَلِيٍّ في رِوايَةِ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ، وابْنِ أبِي لَيْلى عَنْهُ، وعُثْمانَ في رِوايَةِ طاوُسٍ عَنْهُ، وأبِي الدَّرْداءِ وعائِشَةَ وابْنِ عُمَرَ في رِوايَةِ نافِعٍ عَنْهُ.
رَوى سُهَيْلُ بْنُ أبِي صالِحٍ عَنْ أبِيهِ قالَ: (سَألْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِن (p-٢٩٠)
أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الرَّجُلِ يُولِي مِنِ امْرَأتِهِ فَكُلُّهم يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتّى تَمْضِيَ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ فَيُوقِفَ، فَإنْ فاءَ وإلّا طَلَّقَ) وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ، وأهْلِ المَدِينَةِ.
والثّالِثُ: لَيْسَ الإيلاءُ بِشَيْءٍ، وهو قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، في رِوايَةِ عَمْرٍو بْنِ دِينارٍ عَنْهُ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَسْمَعُ إيلاءَهُ.
والثّانِي: يَسْمَعُ طَلاقَهُ.
وَفي ( عَلِيمٌ ) تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَعْلَمُ نِيَّتَهُ.
والثّانِي: يَعْلَمُ صَبْرَهُ.
{"ayahs_start":226,"ayahs":["لِّلَّذِینَ یُؤۡلُونَ مِن نِّسَاۤىِٕهِمۡ تَرَبُّصُ أَرۡبَعَةِ أَشۡهُرࣲۖ فَإِن فَاۤءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَإِنۡ عَزَمُوا۟ ٱلطَّلَـٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"],"ayah":"وَإِنۡ عَزَمُوا۟ ٱلطَّلَـٰقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











