الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ اخْتَلَفُوا في تَأْوِيلِهِ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ شَوّالٌ، وذُو القِعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ بِأسْرِها، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وهو مَذْهَبُ مالِكٍ. والثّانِي: هو شَوّالٌ، وذُو القِعْدَةِ، وعَشَرَةُ أيّامٍ مِن ذِي الحِجَّةِ، وهَذا قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ. والثّالِثُ: هُنَّ شَوّالٌ وذُو القِعْدَةِ وعَشْرُ لَيالٍ مِن ذِي الحِجَّةِ، إلى طُلُوعِ الفَجْرِ مِن يَوْمِ النَّحْرِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، والشَّعْبِيِّ، والسُّدِّيِّ، ونافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وعَطاءٍ، والضَّحّاكِ، والشّافِعِيِّ. ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الإهْلالُ بِالتَّلْبِيَةِ، وهو قَوْلُ عُمَرَ ومُجاهِدٍ وطاوُسٍ. (p-٢٥٩) والثّانِي: أنَّهُ الإحْرامُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ والحَسَنِ وقَتادَةَ وعَطاءٍ، والشّافِعِيِّ. ﴿فَلا رَفَثَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهُ الجِماعُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، والحَسَنِ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةَ، وقَتادَةَ، والزُّهْرِيِّ. والثّانِي: أنَّهُ الجِماعُ أوِ التَّعَرُّضُ لَهُ بِمُواعَدَةٍ أوْ مُداعَبَةٍ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ. والثّالِثُ: أنَّهُ الإفْحاشُ لِلْمَرْأةِ في الكَلامِ، كَقَوْلِكَ: إذا أحْلَلْنا فَعَلْنا بِكِ كَذا مِن غَيْرِ كِنايَةٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وطاوُسٍ. ﴿وَلا فُسُوقَ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهُ فِعْلُ ما نُهِيَ عَنْهُ في الإحْرامِ، مِن قَتْلِ صَيْدٍ، وحَلْقِ شَعْرٍ، وتَقْلِيمِ ظُفْرٍ، وهو قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. والثّانِي: أنَّهُ السِّبابُ، وهو قَوْلُ عَطاءٍ، والسُّدِّيِّ. والثّالِثُ: أنَّهُ الذَّبْحُ لِلْأصْنامِ، وهو قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ. والرّابِعُ: التَّنابُزُ بِالألْقابِ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ. والخامِسُ: أنَّهُ المَعاصِي كُلُّها، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، ومُجاهِدٍ، وطاوُسٍ. ﴿وَلا جِدالَ في الحَجِّ﴾ فِيهِ سِتَّةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: هو أنْ يُجادِلَ الرَّجُلُ صاحِبَهُ، يَعْنِي يَعْصِيهِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ. الثّانِي: هو السِّبابُ، وهو قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وقَتادَةَ. والثّالِثُ: أنَّهُ المِراءُ والِاخْتِلافُ فِيمَن هو أبَرُّهم حَجًّا، وهَذا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. والرّابِعُ: أنَّهُ اخْتِلافٌ كانَ يَقَعُ بَيْنَهم في اليَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ حَجُّهم، وهَذا قَوْلُ القاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. (p-٢٦٠) والخامِسُ: أنَّهُ اخْتِلافُهم في مَواقِفِ الحَجِّ، أيُّهُمُ المُصِيبُ مَوْقِفَ إبْراهِيمَ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ. والسّادِسُ: أنَّ مَعْناهُ ألّا جِدالَ في وقْتِهِ لِاسْتِقْرارِهِ، وإبْطالِ الشَّهْرِ الَّذِي كانُوا يَنْسَؤُونَهُ في كُلِّ عامٍ، فَرُبَّما حَجُّوا في ذِي القِعْدَةِ، ورُبَّما حَجُّوا في صَفَرٍ، وهَذا قَوْلُ أبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ. وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى﴾ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: تَزَوَّدُوا بِالأعْمالِ الصّالِحَةِ، فَإنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى. والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِن أهْلِ اليَمَنِ، كانُوا يَحُجُّونَ ولا يَتَزَوَّدُونَ، ويَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾، يَعْنِي مِنَ الطَّعامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب