الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ الآيَةَ، فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ مَعْناها لَيْسَ البَرُّ الصَّلاةَ وحْدَها، ولَكِنَّ البِرَّ الإيمانُ مَعَ أداءِ الفَرائِضِ الَّتِي فَرَضَها اللَّهُ، وهَذا بَعْدَ الهِجْرَةِ إلى المَدِينَةِ واسْتِقْرارِ الفُرُوضِ والحُدُودِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ.
والثّانِي: أنَّ المَعْنِيَّ بِذَلِكَ اليَهُودُ والنَّصارى، لِأنَّ اليَهُودَ تَتَوَجَّهُ إلى المَغْرِبِ، والنَّصارى تَتَوَجَّهُ إلى المَشْرِقِ في الصَّلاةِ، ويَرَوْنَ ذَلِكَ هو البِرَّ، فَأخْبَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، أنَّهُ لَيْسَ هَذا وحْدَهُ هو البِرَّ، حَتّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، ويَفْعَلُوا ما ذَكَرَ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ، والرَّبِيعُ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ ولَكِنَّ ذا البِرِّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ.
والثّانِي: مَعْناهُ ولَكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ، يَعْنِي الإقْرارَ بِوَحْدانِيَّتِهِ وتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، حَكاهُما الزَّجّاجُ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿واليَوْمِ الآخِرِ﴾ يَعْنِي التَّصْدِيقَ بِالبَعْثِ والجَزاءِ.
﴿والمَلائِكَةِ﴾ يَعْنِي فِيما أُمِرُوا بِهِ، مِن كَتْبِ الأعْمالِ، وتَوَلِّي الجَزاءِ.
﴿والكِتابِ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ، وما تَضَمَّنَهُ مِنِ اسْتِقْبالِ الكَعْبَةِ، وأنْ لا قِبْلَةَ سِواها.
﴿والنَّبِيِّينَ﴾ يَعْنِي التَّصْدِيقَ بِجَمِيعِ الأنْبِياءِ، وأنْ لا يُؤْمِنُوا بِبَعْضِهِمْ ويَكْفُرُوا بِبَعْضٍ.
﴿وَآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ يَعْنِي عَلى حُبِّ المالِ.
قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أنْ يَكُونَ صَحِيحًا شَحِيحًا يُطِيلُ الأمَلَ ويَخْشى الفَقْرَ.
وَكانَ الشَّعْبِيُّ يَرْوِي عَنْ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: « (إنَّ في المالِ حَقًّا سِوى الزَّكاةِ وتَلا هَذِهِ الآيَةَ (p-٢٢٦)
﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ﴾ إلى آخِرِها،» فَذَهَبَ الشَّعْبِيُّ والسُّدِّيُّ إلى إيجابِ ذَلِكَ لِهَذا الخَبَرِ، ورُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «أنَّهُ سُئِلَ: أيُّ الصَّدَقَةِ أفْضَلُ؟ قالَ: (جُهْدٌ عَلى ذِي القَرابَةِ الكاشِحِ)» . وذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنْ لَيْسَ في المالِ حَقٌّ سِوى الزَّكاةِ وأنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَيْها أوْ عَلى التَّطَوُّعِ المُخْتارِ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآتى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى﴾ يُرِيدُ قَرابَةَ الرَّجُلِ مِن طَرَفَيْهِ مِن قِبَلِ أبَوَيْهِ، فَإنْ كانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلى الزَّكاةِ، رُوعِيَ فِيهِمْ شَرْطانِ: أحَدُهُما: الفَقْرُ.
والثّانِي: سُقُوطُ النَّفَقَةِ.
وَإنْ كانَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلى التَّطَوُّعِ لَمْ يُعْتَبَرْ واحِدٌ مِنهُما، وجازَ مَعَ الغِنى والفَقْرِ، ووُجُوبِ النَّفَقَةِ وسُقُوطِها، لِأنَّ فِيهِمْ مَعَ الغِنى صِلَةَ رَحِمٍ مَبْرُورٍ. (p-٢٢٧)
﴿واليَتامى﴾ وهم مَنِ اجْتَمَعَ فِيهِمْ شَرْطانِ: الصِّغَرُ وفَقْدُ الأبِ، وفي اعْتِبارِ الفَقْرِ فِيهِمْ قَوْلانِ كالقَرابَةِ.
﴿والمَساكِينَ﴾ وهم مَن عُدِمَ قَدْرُ الكِفايَةِ وفي اعْتِبارِ إسْلامِهِمْ قَوْلانِ: ﴿وابْنَ السَّبِيلِ﴾ هم فُقَراءُ المُسافِرِينَ ﴿والسّائِلِينَ﴾ وهُمُ الَّذِينَ ألْجَأهُمُ الفَقْرُ إلى السُّؤالِ.
﴿وَفِي الرِّقابِ﴾ وفِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم عَبِيدٌ يُعْتَقُونَ، وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
والثّانِي: أنَّهم مُكاتَبُونَ يُعانُونَ في كِتابَتِهِمْ بِما يَعْتَقِدُونَ، وهو قَوْلُ الشّافِعِيِّ وأبِي حَنِيفَةَ.
﴿وَأقامَ الصَّلاةَ﴾ يَعْنِي إلى الكَعْبَةِ عَلى شُرُوطِها وفي أوْقاتِها.
﴿وَآتى الزَّكاةَ﴾ يَعْنِي إلى مُسْتَحِقِّها عِنْدَ وُجُوبِها.
﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ وذَلِكَ مِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: النُّذُورُ الَّتِي بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ تَعالى.
والثّانِي: العُقُودُ الَّتِي بَيْنَهُ وبَيْنَ النّاسِ، وكِلاهُما يَجِبُ عَلَيْهِ الوَفاءُ بِهِ.
﴿والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ﴾ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: البَأْساءُ الفَقْرُ، والضَّرّاءُ السُّقْمُ.
﴿وَحِينَ البَأْسِ﴾ أيِ القِتالِ.
وَفي هَذا كُلِّهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مَخْصُوصٌ في الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لِأنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلى القِيامِ بِهَذا كُلِّهِ عَلى شُرُوطِهِ غَيْرُهم.
والثّانِي: أنَّهُ عامٌّ، في النّاسِ كُلِّهِمْ لِإرْسالِ الكَلامِ وعُمُومِ الخِطابِ.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ فِيهِ وجْهانِ: (p-٢٢٨)
أحَدُهُما: طابَقَتْ نِيّاتُهم لِأعْمالِهِمْ.
والثّانِي: صَدَقَتْ أقْوالُهم لِأفْعالِهِمْ.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنْ تُخالِفَ سَرائِرُهم لِعَلانِيَتِهِمْ.
والثّانِي: أنْ يَحْمَدَهُمُ النّاسُ بِما لَيْسَ فِيهِمْ.
{"ayah":"۞ لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَٱلصَّـٰبِرِینَ فِی ٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











