قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾ أمّا الصَّبْرُ هَهُنا فَفِيهِ قَوْلانِ: (p-٢٠٩)
أحَدُهُما: الثَّباتُ عَلى أوامِرَ اللَّهِ تَعالى.
والثّانِي: الصِّيامُ المَقْصُودُ بِهِ وجْهُ اللَّهِ تَعالى.
وَأمّا الِاسْتِعانَةُ بِالصَّلاةِ فَتَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: الِاسْتِعانَةُ بِثَوابِها.
والثّانِي: الِاسْتِعانَةُ بِما يُتْلى في الصَّلاةِ لِيُعْرَفَ بِهِ فَضْلُ الطّاعَةِ فَيَكُونُ عَوْنًا عَلى امْتِثالِ الأوامِرِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللَّهِ أمْواتٌ بَلْ أحْياءٌ ولَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾ وسَبَبُ ذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ لِقَتْلى بَدْرٍ وأُحُدٍ: ماتَ فُلانٌ، وماتَ فُلانٌ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ وفِيها تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم لَيْسُوا أمْواتًا وإنْ كانَتْ أجْسامُهم أجْسامَ المَوْتى بَلْ هم عِنْدَ اللَّهِ أحْياءُ النُّفُوسِ مُنَعَّمُو الأجْسامِ.
والثّانِي: أنَّهم لَيْسُوا بِالضَّلالِ أمْواتًا بَلْ هم بِالطّاعَةِ والهُدى أحْياءٌ، كَما قالَ تَعالى: ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ وجَعَلْنا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنها﴾ [الأنْعامِ: ١٢٢] فَجَعَلَ الضّالَّ مَيِّتًا، والمُهْتَدِيَ حَيًّا.
وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا ثالِثًا: أنَّهم لَيْسُوا أمْواتًا بِانْقِطاعِ الذِّكْرِ عِنْدَ اللَّهِ وثُبُوتِ الأجْرِ.
{"ayahs_start":153,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ","وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَن یُقۡتَلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ"}