قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ فَإنْ قِيلَ: فَهَلْ لِلْإيمانِ مِثْلٌ لا يَكُونُ إيمانًا؟ قِيلَ: مَعْنى الكَلامِ: فَإنْ آمَنُوا مِثْلَ إيمانِكُمْ، وصَدَّقُوا مِثْلَ تَصْدِيقِكم فَقَدِ اهْتَدَوْا، وهَذا هو مَعْنى القِراءَةِ وإنْ خالَفَ المُصْحَفَ.
﴿وَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّما هم في شِقاقٍ﴾ يَعْنِي في مَشاقَّةٍ وعَداوَةٍ، وأصْلُ الشِّقاقِ البُعْدُ، مِن قَوْلِهِمْ: قَدْ أخَذَ فُلانٌ في شِقٍّ، وفُلانٌ في شِقٍّ آخَرَ، إذا تَباعَدُوا.
وَكَذَلِكَ قِيلَ لِلْخارِجِ عَنِ الجَماعَةِ، قَدْ شَقَّ عَصا المُسْلِمِينَ لِبُعْدِهِ عَنْهم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ ومَن أحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ دِينُ اللَّهِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أنَّ النَّصارى كانُوا يَصْبُغُونَ أوْلادَهم في ماءٍ لَهُمْ، ويَقُولُونَ هَذا تَطْهِيرٌ لَهم كالخِتانِ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِأنْ قالَ: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أيْ صِبْغَةُ اللَّهِ أحْسَنُ صِبْغَةٍ، وهي الإسْلامُ.
والثّانِي: أنَّ صِبْغَةَ اللَّهِ، هي خِلْقَةُ اللَّهِ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
فَإنْ كانَتِ الصِّبْغَةُ هي الدِّينَ، فَإنَّما سُمِّيَ الدِّينُ صِبْغَةً، لِظُهُورِهِ عَلى صاحِبِهِ، كَظُهُورِ الصِّبْغِ عَلى الثَّوْبِ، وإنْ كانَتْ هي الخِلْقَةَ فَلِإحْداثِهِ كَإحْداثِ اللَّوْنِ عَلى الثَّوْبِ.(p-١٩٦)
{"ayahs_start":136,"ayahs":["قُولُوۤا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَمَاۤ أُوتِیَ ٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ","فَإِنۡ ءَامَنُوا۟ بِمِثۡلِ مَاۤ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا هُمۡ فِی شِقَاقࣲۖ فَسَیَكۡفِیكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةࣰۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَـٰبِدُونَ"],"ayah":"فَإِنۡ ءَامَنُوا۟ بِمِثۡلِ مَاۤ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ۖ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا هُمۡ فِی شِقَاقࣲۖ فَسَیَكۡفِیكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ"}