الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أيُّهم أقْرَبُ﴾ الآيَةِ فِيها ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في نَفَرٍ مِنَ الجِنِّ كانَ يَعْبُدُهم قَوْمٌ مِنَ الإنْسِ، فَأسْلَمَ الجِنُّ ابْتِغاءَ الوَسِيلَةِ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وبَقِيَ الإنْسُ عَلى كُفْرِهِمْ; قالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. (p-٢٥١)الثّانِي: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ كانَتْ تَعْبُدُهم قَبائِلُ مِنَ العَرَبِ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أيْضًا. الثّالِثُ: هم وعِيسى وأُمُّهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ. وَهُمُ المَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِن دُونِهِ﴾ وتَفْسِيرُها أنَّ قَوْلَهُ تَعالى ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: يَدْعُونَ اللَّهَ تَعالى لِأنْفُسِهِمْ. الثّانِي: يَدْعُونَ عِبادَ اللَّهِ إلى طاعَتِهِ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ﴾ وهي القِرْبَةُ، ويَنْبَنِي تَأْوِيلُها عَلى احْتِمالِ الوَجْهَيْنِ في الدُّعاءِ. فَإنْ قِيلَ إنَّهُ الدُّعاءُ لِأنْفُسِهِمْ كانَ مَعْناهُ يَتَوَسَّلُونَ إلى اللَّهِ تَعالى بِالدُّعاءِ إلى ما سَألُوا. وَإنْ قِيلَ دُعاءُ عِبادِ اللَّهِ إلى طاعَتِهِ كانَ مَعْناهُ أنَّهم يَتَوَسَّلُونَ لِمَن دَعَوْهُ إلى مَغْفِرَتِهِ. ﴿أيُّهم أقْرَبُ﴾ تَأْوِيلُهُ عَلى الوَجْهِ الأوَّلِ: أيُّهم أقْرَبُ في الإجابَةِ. وَتَأْوِيلُهُ عَلى الوَجْهِ الثّانِي: أيُّهم أقْرَبُ إلى الطّاعَةِ. ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ هَذا الرَّجاءُ والخَوْفُ في الدُّنْيا. الثّانِي: أنْ يَكُونا في الآخِرَةِ. فَإنْ قِيلَ إنَّهُ في الدُّنْيا احْتَمَلَ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّ رَجاءَ الرَّحْمَةِ التَّوْفِيقُ والهِدايَةُ، وخَوْفَ العَذابِ شِدَّةُ البَلاءِ. (p-٢٥٢)وَإنْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ في الآخِرَةِ احْتَمَلَ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّ رَجاءَ الرَّحْمَةِ دَوامُ النِّعَمِ وخَوْفُ عَذابِ النّارِ. الثّانِي: أنَّ رَجاءَ الرَّحْمَةِ العَفْوُ، وخَوْفَ العَذابِ مُناقَشَةُ الحِسابِ. وَيَحْتَمِلُ هَذا الرَّجاءُ والخَوْفُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ لِأنْفُسِهِمْ إذا قِيلَ إنَّ أصْلَ الدُّعاءِ كانَ لَهم. الثّانِي: لِطاعَةِ اللَّهِ تَعالى إذا قِيلَ إنَّ الدُّعاءَ كانَ لِغَيْرِهِمْ. وَلا يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ عَلى عُمُومِهِ في أنْفُسِهِمْ وفِيمَن دَعَوْهُ. قالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجاءُ والخَوْفُ مِيزانانِ عَلى الإنْسانِ فَإذا اسْتَوَيا اسْتَقامَتْ أحْوالُهُ، وإنْ رَجَحَ أحَدُهُما بَطَلَ الآخَرُ. قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (لَوْ وُزِنَ رَجاءُ المُؤْمِنِ وخَوْفُهُ لاعْتَدَلا» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب