الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَقالُوا أإذا كُنّا عِظامًا ورُفاتًا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّ الرُّفاتَ التُّرابُ، قالَهُ الكَلْبِيُّ والفَرّاءُ. الثّانِي: أنَّهُ ما أرْفَتَ مِنَ العِظامِ مِثْلَ الفُتاتِ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ، قالَ الرّاجِزُ: ؎ صُمَّ الصَّفا رَفَتَ عَنْها أصْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلْ كُونُوا حِجارَةً أوْ حَدِيدًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مَعْناهُ إنْ عَجِبْتُمْ مِن إنْشاءِ اللَّهِ تَعالى لَكم عِظامًا ولَحْمًا فَكُونُوا أنْتُمْ حِجارَةً أوْ حَدِيدًا إنْ قَدَرْتُمْ، قالَهُ أبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ. (p-٢٤٨)الثّانِي: مَعْناهُ أنَّكُمْ: لَوْ كُنْتُمْ حِجارَةً أوْ حَدِيدًا لَمْ تَفُوتُوا اللَّهَ تَعالى إذا أرادَكم إلّا أنَّهُ أخْرَجَهُ مَخْرَجَ الأمْرِ لِأنَّهُ أبْلَغُ مِنَ الإلْزامِ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسى. الثّالِثُ: مَعْناهُ لَوْ كُنْتُمْ حِجارَةً أوْ حَدِيدًا لَأماتَكُمُ اللَّهُ ثُمَّ أحْياكم. ﴿أوْ خَلْقًا مِمّا يَكْبُرُ في صُدُورِكُمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ عَنى بِذَلِكَ السَّماواتِ والأرْضَ والجِبالَ لِعِظَمِها في النُّفُوسِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: أنَّهُ أرادَ المَوْتَ لِأنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أكْبَرُ في نَفْسِ ابْنِ آدَمَ مِنهُ وقَدْ قالَ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ: ؎ نادَوْا إلَهَهُمُ لِيُسْرِعَ خَلْقَهم ∗∗∗ ولِلْمَوْتِ خَلْقٌ لِلنُّفُوسِ فَظِيعُ وَهَذا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وابْنِ عَبّاسٍ وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ. الثّالِثُ: أنَّهُ أرادَ البَعْثَ لِأنَّهُ كانَ أكْبَرَ شَيْءٍ في صُدُورِهِمْ قالَهُ الكَلْبِيُّ. الرّابِعُ: ما يَكْبُرُ في صُدُورِكم مِن جَمِيعِ ما اسْتَعْظَمْتُمُوهُ مِن خَلْقِ اللَّهِ تَعالى، فَإنَّ اللَّهَ يُمِيتُكم ثُمَّ يُحْيِيكم ثُمَّ يَبْعَثُكم، قالَهُ قَتادَةُ. ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إلَيْكَ رُءُوسَهُمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ؛ أيْ يُحَرِّكُونَ رُءُوسَهُمُ اسْتِهْزاءً وتَكْذِيبًا، قالَ الشّاعِرُ: ؎ قُلْتُ لَها صَلِّي فَقالَتْ مِضِّ ∗∗∗ وحَرَّكَتْ لِي رَأْسَها بِالنَّغْضِ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكم فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾ في قَوْلِهِ تَعالى يَدْعُوكم قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ نِداءُ كَلامٍ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ النّاسِ يَدْعُوهُمُ اللَّهُ بِالخُرُوجِ فِيهِ إلى أرْضِ المَحْشَرِ. الثّانِي: أنَّها الصَّيْحَةُ الَّتِي يَسْمَعُونَها فَتَكُونُ داعِيَةً لَهم إلى الِاجْتِماعِ في أرْضِ القِيامَةِ. (p-٢٤٩)وَفِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: فَتَسْتَجِيبُونَ حامِدِينَ لِلَّهِ تَعالى بِألْسِنَتِكم. الثّانِي: فَتَسْتَجِيبُونَ عَلى ما يَقْتَضِي حَمْدُ اللَّهِ مِن أفْعالِكم. الثّالِثُ: مَعْناهُ فَسَتَقُومُونَ مِن قُبُورِكم بِحَمْدِ اللَّهِ لا بِحَمْدِ أنْفُسِكم. الرّابِعُ: فَتَسْتَجِيبُونَ بِأمْرِهِ، قالَهُ سُفْيانُ وابْنُ جُرَيْجٍ. ﴿وَتَظُنُّونَ إنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: إنْ لَبِثْتُمْ إلّا قَلِيلًا في الدُّنْيا لِطُولِ لُبْثِكم في الآخِرَةِ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّانِي: مَعْناهُ الِاحْتِقارُ لِأمْرِ الدُّنْيا حِينَ عايَنُوا يَوْمَ القِيامَةِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنَّهم لِما يَرَوْنَ مِن سُرْعَةِ الرُّجُوعِ يَظُنُّونَ قِلَّةَ اللُّبْثِ في القُبُورِ. الرّابِعُ: أنَّهم بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ يُرْفَعُ عَنْهُمُ العَذابُ فَلا يُعَذَّبُونَ، وبَيْنَهُما أرْبَعُونَ سَنَةً فَيَرَوْنَها لِاسْتِراحَتِهِمْ قَلِيلَةً; قالَهُ الكَلْبِيُّ. الخامِسُ: أنَّهُ لِقُرْبِ الوَقْتِ، كَما قالَ الحَسَنُ كَأنَّكَ بِالدُّنْيا لَمْ تَكُنْ وبِالآخِرَةِ لَمْ تَزَلْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب