الباحث القرآني

(p-١٩١)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَرْجِعُ ظِلالُهُ؛ لِأنَّ الفَيْءَ الرُّجُوعُ؛ ولِذَلِكَ كانَ اسْمًا لِلظِّلِّ بَعْدَ الزَّوالِ لِرُجُوعِهِ. الثّانِي: مَعْناهُ تَمِيلُ ظِلالُهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: تَدُورُ ظِلالُهُ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. الرّابِعُ: تَتَحَوَّلُ ظِلالُهُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. ﴿عَنِ اليَمِينِ والشَّمائِلِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي تارَةً إلى جِهَةِ اليَمِينِ، وتارَةً إلى جِهَةِ الشِّمالِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ؛ لِأنَّ الظِّلَّ يَتْبَعُ الشَّمْسَ حَيْثُ دارَتْ. الثّانِي: أنَّ اليَمِينَ أوَّلُ النَّهارِ، والشِّمالَ آخِرُ النَّهارِ، قالَهُ قَتادَةُ والضَّحّاكُ. ﴿سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ فِيهِ ثَلاثُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ ظِلَّ كُلِّ شَيْءٍ سُجُودُهُ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّ سُجُودَ الظِّلالِ سُجُودُ أشْخاصِها، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّالِثُ: أنَّ سُجُودَ الظِّلالِ كَسُجُودِ الأشْخاصِ تَسْجُدُ لِلَّهِ خاضِعَةً، قالَهُ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ. وَقالَ الحَسَنُ: أمّا ظِلُّكَ فَيَسْجُدُ لِلَّهِ، وأمّا أنْتَ فَلا تَسْجُدُ لِلَّهِ، فَبِئْسَ واللَّهِ ما صَنَعْتَ. ﴿وَهم داخِرُونَ﴾ أيْ صاغِرُونَ خاضِعُونَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ: ؎ فَلَمْ يَبْقَ إلّا داخِرٌ في مُخَيَّسٍ ومُنْحَجِرٌ في غَيْرِ أرْضِكَ حُجَّرُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ مِن دابَّةٍ والمَلائِكَةُ﴾ أمّا سُجُودُ ما في السَّماواتِ فَسُجُودُ خُضُوعٍ وتَعَبُّدٍ، وأمّا سُجُودُ ما في الأرْضِ مِن دابَّةٍ فَيَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّ سُجُودَهُ خُضُوعُهُ لِلَّهِ تَعالى. الثّانِي: أنَّ ظُهُورَ ما فِيهِ مِن قُدْرَةِ اللَّهِ يُوجِبُ عَلى العِبادِ السُّجُودَ لِلَّهِ سُبْحانَهُ. (p-١٩٢)وَفِي تَخْصِيصِ المَلائِكَةِ بِالذِّكْرِ، وإنْ دَخَلُوا في جُمْلَةِ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ خَصَّهم بِالذِّكْرِ لِاخْتِصاصِهِمْ بِشَرَفِ المَنزِلَةِ فَمَيَّزَهم مِنَ الجُمْلَةِ بِالذِّكْرِ وإنْ دَخَلُوا فِيها. الثّانِي: لِخُرُوجِهِمْ مِن جُمْلَةِ مَن يَدِبُّ، لِما جَعَلَ اللَّهُ تَعالى لَهم مِنَ الأجْنِحَةِ فَلَمْ يَدْخُلُوا في الجُمْلَةِ، فَلِذَلِكَ ذُكِرُوا. وَجَوابٌ ثالِثٌ: أنَّ في الأرْضِ مَلائِكَةً يَكْتُبُونَ أعْمالَ العِبادِ لَمْ يَدْخُلُوا في جُمْلَةِ مَلائِكَةِ السَّماءِ فَلِذَلِكَ أفْرَدَهم بِالذِّكْرِ. ﴿وَهم لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ السُّجُودِ لِلَّهِ تَعالى. الثّانِي: لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ الخُضُوعِ لِقُدْرَةِ اللَّهِ. ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي عَذابَ رَبِّهِمْ مِن فَوْقِهِمْ؛ لِأنَّ العَذابَ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ. الثّانِي: يَخافُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ الَّتِي هي فَوْقَ قُدْرَتِهِمْ وهي في جَمِيعِ الجِهاتِ. ﴿وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مِنَ العِبادَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: مِنَ الِانْتِقامِ مِنَ العُصاةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب