الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كَما أنْزَلْنا عَلى المُقْتَسِمِينَ﴾ فِيهِمْ سَبْعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى اقْتَسَمُوا القُرْآنَ فَجَعَلُوهُ أعْضاءً أيْ أجْزاءً فَآمَنُوا بِبَعْضٍ مِنها وكَفَرُوا بِبَعْضٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ اقْتَسَمُوا القُرْآنَ اسْتِهْزاءً بِهِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ السُّورَةُ لِي، وهَذِهِ السُّورَةُ لَكَ، فَسُمُّوا مُقْتَسِمِينَ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهم أهْلُ الكِتابِ اقْتَسَمُوا كُتُبَهم، فَآمَنَ بَعْضُهم بِبَعْضِها، وآمَنَ آخَرُونَ مِنهم بِما كَفَرَ بِهِ غَيْرُهم وكَفَرُوا بِما آمَنَ بِهِ غَيْرُهم، فَسَمّاهُمُ اللَّهُ تَعالى مُقْتَسِمِينَ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الرّابِعُ: أنَّهم قَوْمُ صالِحٍ تَقاسَمُوا عَلى قَتْلِهِ، فَسُمُّوا مُقْتَسِمِينَ، كَما قالَ تَعالى: ﴿قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ﴾ [النَّمْلِ: ٤٩] قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الخامِسُ: أنَّهم قَوْمٌ مِن كُفّارِ قُرَيْشٍ اقْتَسَمُوا طُرُقَ مَكَّةَ لِيَتَلَقَّوُا الوارِدِينَ إلَيْها مِنَ القَبائِلِ فَيُنَفِّرُوهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِأنَّهُ ساحِرٌ أوْ شاعِرٌ أوْ كاهِنٌ أوْ مَجْنُونٌ، حَتّى لا يُؤْمِنُوا بِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ عَذابًا فَأهْلَكَهم، قالَهُ الفَرّاءُ.
السّادِسُ: أنَّهم قَوْمٌ مِن كُفّارِ قُرَيْشٍ قَسَّمُوا كِتابَ اللَّهِ، فَجَعَلُوا بَعْضَهُ شِعْرًا وبَعْضَهُ كَهانَةً وبَعْضَهُ أساطِيرَ الأوَّلِينَ، قالَهُ قَتادَةُ.
(p-١٧٣)السّابِعُ: أنَّهم قَوْمٌ أقْسَمُوا أيْمانًا تَحالَفُوا عَلَيْها، قالَهُ الأخْفَشُ.
وَقِيلَ إنَّهُمُ العاصِ بْنِ وائِلٍ وعُتْبَةُ وشَيْبَةُ ابْنا رَبِيعَةَ وأبُو جَهْلِ بْنُ هِشامٍ وأبُو البَخْتَرِيِّ بْنُ هِشامٍ والنَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ومُنَبِّهُ بْنُ الحَجّاجِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي فِرَقًا، فَجَعَلُوا بَعْضَهُ شِعْرًا، وبَعْضَهُ سِحْرًا، وبَعْضَهُ كَهانَةً، وبَعْضَهُ أساطِيرَ الأوَّلِينَ، فَجَعَلُوهُ أعْضاءً كَما يُعَضّى الجَزُورُ و ﴿عِضِينَ﴾ جَمْعُ عُضْوٍ، مَأْخُوذٌ مِن عَضَيْتُ الشَّيْءَ تَعْضِيَةً إذا فَرَّقْتُهُ، كَما قالَ رُؤْبَةُ بْنُ العَجّاجِ:
؎ ولَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالمُعَضّى
يَعْنِي بِالمُفَرَّقِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: أنَّ العِضِينَ جَمْعُ عِضَهُ وهو البُهْتُ، ومِن قَوْلِهِمْ: عَضَهْتُ الرَّجُلَ أعَضَهُهُ عَضْهًا إذا بَهَتُّهُ؛ لِأنَّهم بَهَتُوا كِتابَ اللَّهِ تَعالى فِيما رَمَوْهُ بِهِ، قالَهُ قَتادَةُ.
وَمِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎ إنَّ العَضِيهَةَ لَيْسَتْ فِعْلَ أحْرارِ
الثّالِثُ: أنَّ العِضِينَ المُسْتَهْزِئُونَ، لِأنَّهُ لَمّا ذَكَرَ في القُرْآنِ البَعُوضَ والذُّبابَ والنَّمْلَ والعَنْكَبُوتَ قالَ أحَدُهُمْ: أنا صاحِبُ البَعُوضِ، وقالَ آخَرُ: أنا صاحِبُ الذُّبابِ وقالَ آخَرُ: أنا صاحِبُ النَّمْلِ.
وَقالَ آخَرُ: أنا صاحِبُ العَنْكَبُوتِ، اسْتِهْزاءً مِنهم بِالقُرْآنِ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ والسُّدِّيُّ.
الرّابِعُ: أنَّهُ عَنى بِالعِضَهِ السِّحْرَ، لِأنَّهم جَعَلُوا القُرْآنَ سِحْرًا، قالَهُ مُجاهِدٌ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ لَكِ مِن عَضائِهِنَّ زَمْزَمَةٌ
يَعْنِي مِن سِحْرِهِنَّ.
وَقالَ عِكْرِمَةُ: العِضَهُ السِّحْرُ بِلِسانِ قُرَيْشٍ يَقُولُونَ لِلسّاحِرَةِ العاضِهَةِ، ومِنهُ ما رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «أنَّهُ لَعَنَ العاضِهَةَ والمُسْتَعْضِهَةَ»، يَعْنِي السّاحِرَةَ والمُسْتَسْحِرَةَ.
(p-١٧٤)وَفِي اشْتِقاقِ العِضِينَ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الأعْضاءِ، وهو قَوْلُ عُبَيْدَةَ.
الثّانِي: أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ العِضَهِ وهو السِّحْرُ، وهو قَوْلُ الفَرّاءِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ ﴿عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَعْنِي عَمّا كانُوا يَعْبُدُونَ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الثّانِي: عَمّا كانُوا يَعْبُدُونَ، وماذا أجابُوا المُرْسَلِينَ، رَواهُ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ.
{"ayahs_start":89,"ayahs":["وَقُلۡ إِنِّیۤ أَنَا ٱلنَّذِیرُ ٱلۡمُبِینُ","كَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِینَ","ٱلَّذِینَ جَعَلُوا۟ ٱلۡقُرۡءَانَ عِضِینَ","فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ","عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"عَمَّا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











