الباحث القرآني

(p-١٢٢)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا﴾ أيْ بِحُجَجِنا وبَراهِينِنا، وقالَ مُجاهِدٌ هي التِّسْعُ الآياتُ: ﴿أنْ أخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: مِنَ الضَّلالَةِ إلى الهُدى. الثّانِي: مِن ذُلِّ الِاسْتِعْبادِ إلى عِزِّ المَمْلَكَةِ. ﴿وَذَكِّرْهم بِأيّامِ اللَّهِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: مَعْناهُ وعِظْهم بِما سَلَفَ مِنَ الأيّامِ الماضِيَةِ لَهم، قالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. الثّانِي: بِالأيّامِ الَّتِي انْتَقَمَ اللَّهُ فِيها مِنَ القُرُونِ الأُولى، قالَهُ الرَّبِيعُ وابْنُ زَيْدٍ. الثّالِثُ: أنَّ مَعْنى أيّامِ اللَّهِ أنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، قالَهُ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ، وقَدْ رَواهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مَرْفُوعًا. وَقَدْ تُسَمّى النِّعَمُ بِالأيّامِ، ومِنهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ: ؎ وأيّامٍ لَنا غُرٍّ طِوالٍ عَصِينا المُلْكَ فِيها أنْ نَدِينا وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا رابِعًا: أنْ يُرِيدَ الأيّامَ الَّتِي كانُوا فِيها عَبِيدًا مُسْتَذَلِّينَ؛ لِأنَّهُ أنْذَرَهم قَبْلَ اسْتِعْمالِ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ. ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ الصَّبّارُ: الكَثِيرُ الصَّبْرِ، والشَّكُورُ: الكَثِيرُ الشُّكْرِ، قالَ قَتادَةُ: هو العَبْدُ إذا أُعْطِيَ شَكَرَ، وإذا ابْتُلِيَ صَبَرَ. وَقالَ الشَّعْبِيُّ: الصَّبْرُ نِصْفُ الإيمانِ، والشُّكْرُ نِصْفٌ، وقَرَأ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ وتَوارى الحَسَنُ عَنِ الحَجّاجِ تِسْعَ سِنِينَ، فَلَمّا بَلَغَهُ مَوْتُهُ قالَ: اللَّهُمَّ قَدْ أمَتَّهُ فَأمِتْ سُنَّتَهُ وسَجَدَ شُكْرًا وقَرَأ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ﴾ وإنَّما خَصَّ بِالآياتِ كُلَّ صَبّارٍ شَكُورٍ، وإنْ كانَ فِيهِ آياتٌ لِجَمِيعِ النّاسِ لِأنَّهُ يَعْتَبِرُ بِها ويُغْفَلُ عَنْها.(p-١٢٣)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب