الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أعْمالُهم كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ وهَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعالى لِأعْمالِ الكافِرِ في أنَّهُ لا يَحْصُلُ عَلى شَيْءٍ مِنها، بِالرَّمادِ الَّذِي هو بَقِيَّةُ النّارِ الذّاهِبَةِ لا يَنْفَعُهُ، فَإذا اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ العاصِفُ: وهِيَ (p-١٢٩)الشَّدِيدَةُ: فَأطارَتْهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلى جَمْعِهِ، كَذَلِكَ الكافِرُ في عَمَلِهِ. وَفي قَوْلِهِ ﴿فِي يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ وصَفَ اليَوْمَ بِالعُصُوفِ وهو مِن صِفَةِ الرِّيحِ؛ لِأنَّ الرِّيحَ تَكُونُ فِيهِ، كَما يُقالُ يَوْمٌ بارِدٌ، ويَوْمٌ حارٌّ؛ لِأنَّ البَرْدَ والحَرَّ يَكُونانِ فِيهِ. الثّانِي: أنَّ المُرادَ بِهِ في يَوْمٍ عاصِفِ الرِّيحِ، فَحَذَفَ الرِّيحَ لِأنَّها قَدْ ذُكِرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ. الثّالِثُ: أنَّ العُصُوفَ مِن صِفَةِ الرِّيحِ المُقَدَّمِ ذِكْرُها، غَيْرَ أنَّهُ لَمّا جاءَ بَعْدَ اليَوْمِ اتَّبَعَ إعْرابَهُ. ﴿لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لا يَقْدِرُونَ في الآخِرَةِ عَلى شَيْءٍ مِن ثَوابِ ما عَمِلُوا مِنَ البِرِّ في الدُّنْيا لِإحْباطِهِ بِالكُفْرِ. الثّانِي: لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوهُ مِن عَرُوضِ الدُّنْيا، بِالمَعاصِي الَّتِي اقْتَرَفُوها، أنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ في الآخِرَةِ. ﴿ذَلِكَ هو الضَّلالُ البَعِيدُ﴾ وإنَّما جَعَلَهُ بَعِيدًا لِفَواتِ اسْتِدْراكِهِ بِالمَوْتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب