الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ذَلِكَ لِمَن خافَ مَقامِي﴾ أيِ المَقامَ بَيْنَ يَدَيَّ، وأضافَ ذَلِكَ إلَيْهِ لِاخْتِصاصِهِ بِهِ، والفَرْقُ بَيْنَ المَقامِ بِالفَتْحِ وبَيْنَ المُقامِ بِالضَّمِّ أنَّهُ إذا ضُمَّ فَهو فِعْلُ الإقامَةِ، وإذا فُتِحَ فَهو مَكانُ الإقامَةِ. (p-١٢٧)﴿وَخافَ وعِيدِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ العَذابُ. والثّانِي: أنَّهُ ما في القُرْآنِ مِن زَواجِرَ. ﴿واسْتَفْتَحُوا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ الرُّسُلَ اسْتَفْتَحُوا بِطَلَبِ النَّصْرِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّ الكُفّارَ اسْتَفْتَحُوا بِالبَلاءِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفي الِاسْتِفْتاحِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الِابْتِداءِ. الثّانِي: أنَّهُ الدُّعاءُ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. ﴿وَخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ﴾ في " خابَ " وجْهانِ: أحَدُهُما: خَسِرَ عَمَلُهُ. الثّانِي: بَطَلَ أمَلُهُ. وَفي ﴿جَبّارٍ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ المُنْتَقِمُ. الثّانِي: المُتَكَبِّرُ بَطَرًا. وَفي ﴿عَنِيدٍ﴾ وجْهانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ المُعانِدُ لِلْحَقِّ. الثّانِي: أنَّهُ المُتَباعِدُ عَنِ الحَقِّ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ ولَسْتُ إذا تَشاجَرَ أمْرُ قَوْمٍ بِأوَّلِ مَن يُخالِفُهم عَنِيدًا قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿مِن ورائِهِ جَهَنَّمُ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مَعْناهُ مِن خَلْفِهِ جَهَنَّمُ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: وراءَ مِنَ الأضْدادِ وتَقَعُ عَلى خَلْفَ وقُدّامَ جَمِيعًا. الثّانِي: مَعْناهُ أمامَهُ جَهَنَّمُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ ومِن ورائِكَ يَوْمٌ أنْتَ بالِغُهُ ∗∗∗ لا حاضِرٌ مُعْجِزٌ عَنْهُ ولا بادِي (p-١٢٨)الثّالِثُ: أنَّ جَهَنَّمَ تَتَوارى ولا تَظْهَرُ، فَصارَتْ مِن وراءٍ لِأنَّها لا تُرى حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. الرّابِعُ: مِن ورائِهِ جَهَنَّمُ مَعْناهُ مِن بَعْدِ هَلاكِهِ جَهَنَّمُ، كَما قالَ النّابِغَةُ: ؎ حَلَفْتُ فَلَمْ أتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ∗∗∗ ولَيْسَ وراءَ اللَّهِ لِلْمَرْءِ مَذْهَبُ أرادَ: ولَيْسَ بَعْدَ اللَّهِ مَذْهَبٌ. ﴿وَيُسْقى مِن ماءٍ صَدِيدٍ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مِن ماءٍ مِثْلِ الصَّدِيدِ كَما يُقالُ لِلرَّجُلِ الشُّجاعِ أسَدٌ، أيْ مِثْلُ الأسَدِ. الثّانِي: مِن ماءٍ كَرِهْتَهُ تَصُدُّ عَنْهُ، فَيَكُونُ الصَّدِيدُ مَأْخُوذًا مِنَ الصَّدِّ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكانٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مِن كُلِّ مَكانٍ مِن جَسَدِهِ حَتّى مِن أطْرافِ شَعْرِهِ، قالَهُ إبْراهِيمُ التَّيْمِيُّ، لِلْآلامِ الَّتِي في كُلِّ مَوْضِعٍ مِن جَسَدِهِ. الثّانِي: تَأْتِيهِ أسْبابُ المَوْتِ مِن كُلِّ جِهَةٍ، عَنْ يَمِينِهِ وشِمالِهِ، ومِن فَوْقِهِ وتَحْتِهِ، ومِن قُدّامِهِ وخَلْفِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: تَأْتِيهِ شَدائِدُ المَوْتِ مِن كُلِّ مَكانٍ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى. ﴿وَما هو بِمَيِّتٍ﴾ لِتَطاوُلِ شَدائِدِ المَوْتِ بِهِ وامْتِدادِ سَكَراتِهِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ زِيادَةً في عَذابِهِ. ﴿وَمِن ورائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ﴾ فِيهِ الوُجُوهُ الأرْبَعَةُ الماضِيَةُ. والعَذابُ الغَلِيظُ هو الخُلُودُ في جَهَنَّمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب