الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ دَعْوَةَ الحَقِّ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّهُ اللَّهُ تَعالى هو الحَقُّ، فَدُعاؤُهُ دَعْوَةُ الحَقِّ. الثّالِثُ: أنَّ الإخْلاصَ في الدُّعاءِ هي دَعْوَةُ الحَقِّ، قالَهُ بَعْضُ المُتَأخِّرِينَ. وَيَحْتَمِلُ قَوْلًا رابِعًا: أنَّ دَعْوَةَ الحَقِّ دُعاؤُهُ عِنْدَ الخَوْفِ لِأنَّهُ لا يُدْعى فِيهِ إلّا إيّاهُ، كَما قالَ تَعالى ﴿ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلا إيّاهُ﴾ [الإسْراءِ: ٦٧] هو أشْبَهُ بِسِياقِ الآيَةِ لِأنَّهُ قالَ: ﴿والَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ﴾ يَعْنِي الأصْنامَ والأوْثانَ. ﴿لا يَسْتَجِيبُونَ لَهم بِشَيْءٍ﴾ أيْ لا يُجِيبُونَ لَهم دُعاءً ولا يَسْمَعُونَ لَهم نِداءً. ﴿إلا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إلى الماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وما هو بِبالِغِهِ﴾ ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ الماءَ مَثَلًا لِإياسِهِمْ مِن إجابَةِ دُعائِهِمْ لِأنَّ العَرَبَ تَضْرِبُ لِمَن سَعى فِيما لا يُدْرِكُهُ مَثَلًا بِالقابِضِ الماءَ بِاليَدِ، كَما قالَ أبُو الهُذَيْلِ: ؎ فَأصْبَحْتُ مِمّا كانَ بَيْنِي وبَيْنَها مِنَ الوُدِّ مِثْلَ القابِضِ الماءَ بِاليَدِ وَفِي مَعْنى هَذا المَثَلِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ الَّذِي يَدْعُو إلَهًا مِن دُونِ اللَّهِ كالظَّمْآنِ الَّذِي يَدْعُو الماءَ لِيَبْلُغُ إلى فِيهِ مِن بَعِيدٍ يُرِيدُ تَناوُلَهُ ولا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِلِسانِهِ، ويُشِيرُ إلَيْهِ بِيَدِهِ فَلا يَأْتِيهِ أبَدًا؛ لِأنَّ الماءَ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ وما الماءُ بِبالِغٍ إلَيْهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: أنَّهُ كالظَّمْآنِ الَّذِي يَرى خَيالَهُ في الماءِ وقَدْ بَسَطَ كَفَّهُ فِيهِ لِيَبْلُغَ فاهُ، وما هو بِبالِغِهِ لِكَذِبِ ظَنِّهِ وفَسادِ تَوَهُّمِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: أنَّهُ كَباسِطِ كَفِّهِ إلى الماءِ لِيَقْبِضَ عَلَيْهِ فَلا يَحْصُلُ في كَفَّيْهِ شَيْءٌ مِنهُ. وَزَعَمَ الفَرّاءُ أنَّ المُرادَ بِالماءِ ها هُنا البِئْرُ لِأنَّها مَعْدِنٌ لِلْماءِ، وأنَّ المَثَلَ كَمَن مَدَّ (p-١٠٤)يَدَهُ إلى البِئْرِ بِغَيْرِ رِشاءٍ، وشاهِدُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ فَإنَّ الماءَ ماءُ أبِي وجَدِّي ∗∗∗ وبِئْرِي ذُو حَفَرْتُ وذُو طَوَيْتُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب