الباحث القرآني
(p-٣٧٨)سُورَةُ النّاسِ
﴿قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ﴾ وإنَّما ذَكَرَ أنَّهُ رَبُّ النّاسِ، وإنْ كانَ رَبًّا لِجَمِيعِ الخَلْقِ لِأمْرَيْنِ:
أحَدُهُما: لِأنَّ النّاسَ مُعَظَّمُونَ، فَأعْلَمَ بِذِكْرِهِمْ أنَّهُ رَبٌّ لَهم وإنْ عُظِّمُوا.
الثّانِي: لِأنَّهُ أمَرَ بِالِاسْتِعاذَةِ مِن شَرِّهِمْ، فَأعْلَمَ بِذِكْرِهِمْ أنَّهُ هو الَّذِي يُعِيذُ مِنهم.
﴿مَلِكِ النّاسِ﴾ ﴿إلَهِ النّاسِ﴾ لِأنَّ في النّاسِ مُلُوكًا، فَذَكَرَ أنَّهُ مَلِكَهم، وفي النّاسِ مَن يَعْبُدُ غَيْرَهُ فَذَكَرَ أنَّهُ إلَهُهم ومَعْبُودُهم.
﴿مِن شَرِّ الوَسْواسِ الخَنّاسِ﴾ الخَنّاسُ هو الشَّيْطانُ، وفي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِأنَّهُ كَثِيرُ الِاخْتِفاءِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ﴾ يَعْنِي النُّجُومَ لِاخْتِفائِها بَعْدَ الظُّهُورِ.
الثّانِي: لِأنَّهُ يَرْجِعُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، والخَنَسِ الرُّجُوعُ، قالَ الرّاجِزُ
؎ وصاحِبٌ يَمْتَعِسُ امْتِعاسًا يَزْدادُ مِن خَنَسِهِ خَناسًا
(p-٣٧٩)
وَأمّا (اَلْوَسْواسُ) ها هُنا فَفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ الشَّيْطانُ لِأنَّهُ يُوَسْوِسُ لِلْإنْسانِ، وقَدْ رَوى ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ ﴿الوَسْواسِ الخَنّاسِ﴾ قالَ: الشَّيْطانُ جاثِمٌ عَلى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإذا سَها وغَفَلَ وسْوَسَ، وإذا ذَكَرَ اللَّهَ تَعالى خَنَسَ، فَعَلى هَذا يَكُونُ في تَأْوِيلِ الخَنّاسِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: الرّاجِعُ بِالوَسْوَسَةِ عَلى الهَوى.
الثّانِي: أنَّهُ الخارِجُ بِالوَسْوَسَةِ في اليَقِينِ.
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّهُ وسْواسُ الإنْسانِ مِن نَفْسِهِ، وهي الوَسْوَسَةُ الَّتِي يُحَدِّثُ بِها نَفْسَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « (إنَّ اللَّهَ تَعالى تَجاوَزَ لِأُمَّتِي عَمّا وسْوَسَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ)» . ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النّاسِ﴾ وسْوَسَةُ الشَّيْطانِ هي الدُّعاءُ إلى طاعَتِهِ بِما يَصِلُ إلى القَلْبِ مِن قَوْلٍ مُتَخَيَّلٍ، أوْ يَقَعُ في النَّفْسِ مِن أمْرٍ مُتَوَهَّمٍ ومِنهُ المُوَسْوَسُ إذا غَلَبَ عَلَيْهِ الوَسْوَسَةُ، لِما يَعْتَرِيهِ مِنَ المَسَرَّةِ، وأصْلُهُ الصَّوْتُ الخَفِيُّ، قالَ الأعْشى
؎ تَسْمَعُ لِلْحَلْيِ وسْواسًا إذا انْصَرَفَتْ ∗∗∗ كَما اسْتَعانَ بِرِيحِ عِشْرِقٌ زَجَلُ.
﴿مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ﴾ أمّا وسْواسُ الجِنَّةِ فَهو وسْواسُ الشَّيْطانِ عَلى ما قَدَّمْناهُ، وأمّا وسْواسُ النّاسِ فَفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّها وسْوَسَةُ الإنْسانِ مِن نَفْسِهِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
الثّانِي: أنَّهُ إغْواءُ مَن يُغْوِيهِ مِنَ النّاسِ.
قالَ قَتادَةُ: إنَّ مِنَ الإنْسِ شَياطِينَ، وإنَّ مِنَ الجِنِّ شَياطِينَ، فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِن شَياطِينِ الإنْسِ والجِنِّ.(p-٣٨٠)
وَرَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يُعَوِّذُ حَسَنًا وحُسَيْنًا فَيَقُولُ: أُعِيذُكُما بِكَلِماتِ اللَّهِ التّامَّةِ مَن كُلِّ شَيْطانٍ وهامَّةٍ، ومِن كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ»، ونَحْنُ نَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ مِمّا عَوَّذَ ونَسْتَمِدُّهُ جَمِيلَ ما عَوَّدَ.
وَفَّقَنا اللَّهُ وقارِئَهُ لِتَدَبُّرِ ما فِيهِ وتَفَهُّمِ مَعانِيهِ، فِيهِ تَوْفِيقُنا وعَلَيْهِ تَوَكُّلُنا، والحَمْدُ لِلَّهِ وحْدَهُ وكَفى، وصَلَواتُهُ عَلى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ المُصْطَفى، وعَلى إخْوانِهِ مِنَ الأنْبِياءِ والمُرْسَلِينَ، وعَلى آلِهِ وأصْحابِهِ الطّاهِرِينَ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ","مَلِكِ ٱلنَّاسِ","إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ","مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ","ٱلَّذِی یُوَسۡوِسُ فِی صُدُورِ ٱلنَّاسِ","مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ"],"ayah":"مَلِكِ ٱلنَّاسِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











