الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قالَ لَوْ أنَّ لِي بِكم قُوَّةً﴾ يَعْنِي أنْصارًا. وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أرادَ الوَلَدَ. ﴿أوْ آوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ يَعْنِي إلى عَشِيرَةٍ مانِعَةٍ. وَرَوى أبُو سَلَمَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: « (يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)» . يَعْنِي اللَّهَ تَعالى، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « (فَما بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إلّا في ثَرْوَةٍ مِن قَوْمِهِ)» . قالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: لَقَدْ وجَدَتِ الرُّسُلُ عَلى لُوطٍ وقالُوا: إنَّ رُكْنَكَ لَشَدِيدٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قالُوا يا لُوطُ إنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ﴾ وفي اسْمِهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ أعْجَمِيٌّ وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. الثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ: لِطْتُ الحَوْضَ إذا مَلَّسْتَهُ بِالطِّينِ. وَقِيلَ إنَّ لُوطًا كانَ قائِمًا عَلى بابِهِ يَمْنَعُ قَوْمَهُ مِن أضْيافِهِ، فَلَمّا أعْلَمُوهُ أنَّهم رُسُلُ رَبِّهِ مَكَّنَ قَوْمَهُ مِنَ الدُّخُولِ فَطَمَسَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى أعْيُنِهِمْ فَعَمِيَتْ، وعَلى أيْدِيهِمْ فَجَفَّتْ. ﴿فَأسْرِ بِأهْلِكَ﴾ أيْ فَسِرْ بِأهْلِكَ لَيْلًا، والسُّرى سَيْرُ اللَّيْلِ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ: ؎ عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرى وتَنْجَلِي عَنْهم غَياباتُ الكَرى يُقالُ وأسْرى وفِيهِما وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ مَعْناهُما في سَيْرِ اللَّيْلِ واحِدٌ. الثّانِي: أنَّ مَعْناهُما مُخْتَلِفٌ، فَأسْرى إذا سارَ مِن أوَّلِ اللَّيْلِ، وسَرى إذا سارَ في آخِرِهِ، ولا يُقالُ في النَّهارِ إلّا سارَ، قالَ لَبِيدٌ: (p-٤٩١) ؎ إذا المَرْءُ أسْرى لَيْلَةً ظَنَّ أنَّهُ ∗∗∗ قَضى عَمَلًا، والمَرْءُ ما عاشَ عامِلُ ﴿بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: مَعْناهُ سَوادُ اللَّيْلِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: أنَّهُ نِصْفُ اللَّيْلِ مَأْخُوذٌ مِن قَطْعِهِ نِصْفَيْنِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ ونائِحَةٍ تَنُوحُ بِقَطْعِ لَيْلٍ ∗∗∗ عَلى رَجُلٍ بِقارِعَةِ الصَّعِيدِ الثّالِثُ: أنَّهُ الفَجْرُ الأوَّلُ، قالَهُ حَمِيدُ بْنُ زِيادٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنكم أحَدٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: لا يَنْظُرُ وراءَهُ مِنكم أحَدٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: يَعْنِي لا يَتَخَلَّفُ مِنكم أحَدٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ: الثّالِثُ: يَعْنِي لا يَشْتَغِلُ مِنكم أحَدٌ بِما يَخْلُفُهُ مِن مالٍ أوِ امْتِناعٍ، حَكاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسى. ﴿إلا امْرَأتَكَ إنَّهُ مُصِيبُها ما أصابَهُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ قَوْلَهُ ﴿إلا امْرَأتَكَ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ: " فَأسْرِ بِأهْلِكَ بِقَطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ إلّا امْرَأتَكَ " وهَذا قَوْلُ مَن قَرَأ: ﴿إلا امْرَأتَكَ﴾ بِالنَّصْبِ. الثّانِي: أنَّهُ اسْتِثْناءٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنكم أحَدٌ إلا امْرَأتَكَ﴾ وهو عَلى مَعْنى البَدَلِ إذا قُرِئَ بِالرَّفْعِ. ﴿إنَّهُ مُصِيبُها ما أصابَهُمْ﴾ فَذَكَرَهُ قَتادَةُ أنَّها خَرَجَتْ مَعَ لُوطٍ مِنَ القَرْيَةِ فَسَمِعَتِ الصَّوْتَ فالتَفَتَتْ، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْها حَجَرًا فَأهْلَكَها. ﴿إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ فَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « (إنَّ لُوطًا لَمّا عَلِمَ أنَّهم رُسُلُ رَبِّهِ قالَ: فالآنَ إذَنْ، فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿إنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ألَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ ) .» ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَ الصُّبْحَ مِيقاتًا (p-٤٩٢)لِهَلاكِهِمْ لِأنَّ النُّفُوسَ فِيهِ أوْدَعُ والنّاسَ فِيهِ أجْمَعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب