الباحث القرآني

(p-٤٥٥)سُورَةُ هُودٍ (p-٤٥٥)مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ وعَطاءٍ وجابِرٍ. وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ إلّا آيَةً وهي قَوْلُهُ: ﴿وَأقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هُودًا: ١١٤]. ﴿الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ ﴿ألا تَعْبُدُوا إلا اللَّهَ إنَّنِي لَكم مِنهُ نَذِيرٌ وبَشِيرٌ﴾ ﴿وَأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكم ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ يُمَتِّعْكم مَتاعًا حَسَنًا إلى أجَلٍ مُسَمًّى ويُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وإنْ تَوَلَّوْا فَإنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ ﴿إلى اللَّهِ مَرْجِعُكم وهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿الر كِتابٌ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ. ﴿أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أُحْكِمَتْ آياتُهُ بِالأمْرِ والنَّهْيِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالثَّوابِ والعِقابِ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّانِي: أُحْكِمَتْ آياتُهُ مِنَ الباطِلِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالحَلالِ والحَرامِ والطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ، وهَذا قَوْلُ قَتادَةَ. (p-٤٥٦)الثّالِثُ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ بِأنْ جُعِلَتْ آياتُ هَذِهِ السُّورَةِ كُلُّها مُحْكَمَةً ثُمَّ فُصِّلَتْ بِأنْ فُسِّرَتْ، وهَذا مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ. الرّابِعُ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ لِلْمُعْتَبِرِينَ، وفُصِّلَتْ آياتُهُ لِلْمُتَّقِينَ. الخامِسُ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ في القُلُوبِ، وفُصِّلَتْ أحْكامُهُ عَلى الأبْدانِ. ﴿مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: مِن عِنْدِ حَكِيمٍ في أفْعالِهِ، خَبِيرٍ بِمَصالِحِ عِبادِهِ. الثّانِي: حَكِيمٌ بِما أنْزَلَ، خَبِيرٌ بِمَن يَتَقَبَّلُ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ألا تَعْبُدُوا إلا اللَّهَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنْ كَتَبْتُ في الكِتابِ ﴿ألا تَعْبُدُوا إلا اللَّهَ﴾ الثّانِي: أنَّهُ أمَرَ رَسُولَهُ أنْ يَقُولَ لِلنّاسِ ﴿ألا تَعْبُدُوا إلا اللَّهَ﴾ ﴿إنَّنِي لَكم مِنهُ نَذِيرٌ وبَشِيرٌ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَذِيرٌ مِنَ النّارِ، وبَشِيرٌ بِالجَنَّةِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكم ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: اسْتَغْفِرُوهُ مِن سالِفِ ذُنُوبِكم ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ مِنَ المُسْتَأْنِفِ مَتى وقَعَتْ مِنكم. قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: الِاسْتِغْفارُ بِلا إقْلاعٍ تَوْبَةُ الكَذّابِينَ. الثّانِي: أنَّهُ قَدَّمَ ذِكْرَ الِاسْتِغْفارِ لِأنَّ المَغْفِرَةَ هي الغَرَضُ المَطْلُوبُ والتَّوْبَةُ هي السَّبَبُ إلَيْها، فالمَغْفِرَةُ أوَّلُ في الطَّلَبِ وآخِرُ في السَّبَبِ. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنَّ المَعْنى اسْتَغْفِرُوهُ مِنَ الصَّغائِرِ وتُوبُوا إلَيْهِ مِنَ الكَبائِرِ ﴿يُمَتِّعْكم مَتاعًا حَسَنًا﴾ يَعْنِي في الدُّنْيا وفِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ طِيبُ النَّفْسِ وسَعَةُ الرِّزْقِ. الثّانِي: أنَّهُ الرِّضا بِالمَيْسُورِ، والصَّبْرُ عَلى المَقْدُورِ. الثّالِثُ: أنَّهُ تَرْكُ الخَلْقِ والإقْبالِ عَلى الحَقِّ، قالَهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ويَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ الحَلالُ الكافِي. الثّانِي: أنَّهُ الَّذِي لا كَدَّ فِيهِ ولا طَلَبَ. الثّالِثُ: أنَّهُ المُقْتَرِنُ بِالصِّحَّةِ والعافِيَةِ. ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: (p-٤٥٧)أحَدُها: إلى يَوْمِ القِيامَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. الثّانِي: إلى يَوْمِ المَوْتِ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّالِثُ: إلى وقْتٍ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ تَعالى، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَهْدِيهِ إلى العَمَلِ الصّالِحِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: يُجازِيهِ عَلَيْهِ في الآخِرَةِ، عَلى قَوْلِ قَتادَةَ. وَيَجُوزُ أنْ يُجازِيَهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيا، عَلى قَوْلِ مُجاهِدٍ. ﴿وَإنْ تَوَلَّوْا﴾ يَعْنِي عَمّا أُمِرْتُمْ لَهُ. ﴿فَإنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ وفِيهِ إضْمارٌ وتَقْدِيرٌ: فَقُلْ لَهم إنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ يَعْنِي يَوْمَ القِيامَةِ وصَفَهُ بِذَلِكَ لِكِبَرِ الأُمُورِ الَّتِي هي فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب