الباحث القرآني

(p-٣٣٥)سُورَةُ الهُمَزَةِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ الهُمَزَةَ المُغْتابُ، واللُّمَزَةَ العَيّابُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومِنهُ قَوْلُ زِيادٍ الأعْجَمِ ؎ تُدْلِي بِوُدِّيٍّ إذا لاقَيْتَنِي كَذِبًا وإنْ أُغَيَّبْ فَأنْتَ الهامِزُ اللُّمَزَةُ الثّانِي: أنَّ الهُمَزَةَ الَّذِي يَهْمِزُ النّاسَ، واللُّمَزَةَ الَّذِي يَلْمِزُهم بِلِسانِهِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّالِثُ: أنَّ الهُمَزَةَ الَّذِي يَهْمِزُ في وجْهِهِ إذا أقْبَلَ، واللُّمَزَةُ الَّذِي يَلْمِزُهُ مِن خَلْفِهِ إذا أدْبَرَ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ، ومِنهُ قَوْلُ حَسّانَ:(p-٣٣٦) ؎ هَمَزْتُكَ فاخْتَضَعْتَ بِذُلِّ نَفْسٍ ∗∗∗ بِقافِيَةٍ تَأجَّجُ كالشُّواظِ الرّابِعُ: أنَّ الهُمَزَةَ الَّذِي يَعِيبُ جَهْرًا بِيَدٍ أوْ لِسانٍ، واللُّمَزَةَ الَّذِي يَعِيبُهم سِرًّا بِعَيْنٍ أوْ حاجِبٍ، قالَهُ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ هِشامٍ. قالَ رُؤْبَةُ ؎ في ظِلِّ عَصْرَيْ باطِلِي ولَمْزِي ∗∗∗ . . . . . . . . . واخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ فِيهِ عَلى خَمْسَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: في أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، قالَهُ عَمّارٌ. الثّانِي: في جَمِيلِ بْنِ عامِرٍ الجُمَحِيِّ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: في الأخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ الثَّقَفِيِّ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الرّابِعُ: في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الخامِسُ: أنَّها مُرْسَلَةٌ عَلى العُمُومِ مِن غَيْرِ تَخْصِيصٍ، وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. ﴿الَّذِي جَمَعَ مالا وعَدَّدَهُ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَعْنِي أحْصى عَدَدَهُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: عَدَّدَ أنْواعَ مالِهِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: لِما يَكْفِيهِ مِنَ الشَّيْنِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الرّابِعُ: اتَّخَذَ مالَهُ لِمَن يَرِثُهُ مِن أوْلادِهِ. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: أنَّهُ فاخَرَ بِعَدَدِهِ وكَثْرَتِهِ. ﴿يَحْسَبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَهُ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَزِيدُ في عُمُرِهِ، قالَ عِكْرِمَةُ. الثّانِي: يَمْنَعُهُ مِنَ المَوْتِ، قالَ السُّدِّيُّ. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: يَنْفَعُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. ﴿كَلا لَيُنْبَذَنَّ في الحُطَمَةِ﴾ وفِيها ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ اسْمُ بابٍ مِن أبْوابِ جَهَنَّمَ، قالَهُ ابْنُ واقِدٍ، وقالَ الكَلْبِيُّ هو البابُ السّادِسُ. الثّانِي: أنَّهُ اسْمُ دَرْكٍ مِن أدْراكِ جَهَنَّمَ، وهو الدَّرْكُ الرّابِعُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّالِثُ: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ جَهَنَّمَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفي تَسْمِيَتِها بِذَلِكَ وجْهانِ:(p-٣٣٧) أحَدُهُما: لِأنَّها تُحَطِّمُ ما أُلْقِيَ فِيها، أيْ تُكَسِّرُهِ وتَهُدُّهُ، ومِنهُ قَوْلُ الرّاجِزِ ؎ إنّا حَطْمَنا بِالقَضِيبِ مُصْعَبًا ∗∗∗ يَوْمَ كَسَرْنا أنْفَهُ لَيَغْضَبا ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلى الأفْئِدَةِ﴾ رَوى خالِدُ بْنُ أبِي عُمْرانَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «أنَّ النّارَ تَأْكُلُ أهْلَها حَتّى إذا اطَّلَعَتْ عَلى أفْئِدَتِهِمُ انْتَهَتْ، ثُمَّ إذا صَدَرُوا تَعُودُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿نارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ﴾ ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلى الأفْئِدَةِ﴾» ويَحْتَمِلُ اطِّلاعُها عَلى الأفْئِدَةِ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: لَتَحِسُّ بِألَمِ العَذابِ مَعَ بَقاءِ الحَياةِ بِبَقائِها. الثّانِي: اسْتَدَلَّ بِما في قُلُوبِهِمْ مِن آثارِ المَعاصِي وعِقابٍ عَلى قَدْرِ اسْتِحْقاقِهِمْ لِألَمِ العَذابِ، وذَلِكَ بِما اسْتَبْقاهُ اللَّهُ تَعالى مِنَ الأماراتِ الدّالَّةِ عَلَيْهِ. ﴿إنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: مُطْبَقَةٌ، قالَهُ الحَسَنُ والضَّحّاكُ. الثّانِي: مُغْلَقَةٌ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، يَقُولُونَ آصَدَ البابَ إذا أغْلَقَهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ ومِنهُ قَوْلُ عَبِيدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ الرُّقُيّاتِ ؎ إنَّ في القَصْرِ لَوْ دَخَلْنا غَزالًا ∗∗∗ مُصْفَقًا مُوصَدًا عَلَيْهِ الحِجابُ الثّالِثُ: مَسْدُودَةُ الجَوانِبِ لا يَنْفَتِحُ مِنها جانِبٌ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبُ، وقالَ مُقاتِلُ بْنُ سُلَيْمانَ: لا يَدْخُلُها رَوْحٌ ولا يَخْرُجُ مِنها غَمٌّ. ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّها مُوصَدَةٌ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وهي في قِراءَتِهِ (بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) . الثّانِي: أنَّهم مُعَذَّبُونَ فِيها بِعُمُدٍ مُحَدَّدَةٍ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنَّ العُمُدَ المُمَدَّةَ الأغْلالُ في أعْناقِهِمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الرّابِعُ: أنَّها قُيُودٌ في أرْجُلِهِمْ، قالَهُ أبُو صالِحٍ. الخامِسُ: مَعْناهُ في دَهْرٍ مَمْدُودٍ، قالَهُ أبُو فاطِمَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب