الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإمّا تَخافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيانَةً فانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ﴾ الآيَةَ. يَعْنِي واَللَّهُ أعْلَمُ: إذا خِفْتَ غَدْرَهم وخَدْعَتَهم وإيقاعَهم بِالمُسْلِمِينَ وفَعَلُوا ذَلِكَ خُفْيًا ولَمْ يُظْهِرُوا نَقْضَ العَهْدِ فانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ، يَعْنِي ألْقِ إلَيْهِمْ فَسْخَ ما بَيْنَكَ وبَيْنَهم مِنَ العَهْدِ والهُدْنَةِ حَتّى يَسْتَوِيَ الجَمِيعُ في مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، وهو مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿عَلى سَواءٍ﴾ لِئَلّا يَتَوَهَّمُوا أنَّكَ نَقَضْتَ العَهْدَ بِنَصْبِ الحَرْبِ. وقِيلَ: ﴿عَلى سَواءٍ﴾ عَلى عَدْلٍ، مِن قَوْلِ الرّاجِزِ: ؎فاضْرِبْ وُجُوهَ الغَدْرِ لِلْأعْداءِ حَتّى يُجِيبُوكَ إلى السَّواءِ ومِنهُ قِيلَ لِلْوَسَطِ سَواءٌ لِاعْتِدالِهِ، كَما قالَ حَسّانُ: ؎يا ويْحَ أنْصارِ النَّبِيِّ ورَهْطِهِ ∗∗∗ بَعْدَ المُغَيَّبِ في سَواءِ المَلْحَدِ أيْ في وسَطِهِ. «وقَدْ غَزا النَّبِيُّ ﷺ أهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ الهُدْنَةِ مِن غَيْرِ أنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ؛ لِأنَّهم قَدْ كانُوا نَقَضُوا العَهْدَ بِمُعاوَنَتِهِمْ بَنِي كِنانَةَ عَلى قَتْلِ خُزاعَةَ وكانَتْ حُلَفاءَ لِلنَّبِيِّ ﷺ»، ولِذَلِكَ جاءَ أبُو سُفْيانَ إلى المَدِينَةِ يَسْألُ النَّبِيَّ ﷺ تَجْدِيدَ العَهْدِ بَيْنَهُ وبَيْنَ قُرَيْشٍ فَلَمْ يُجِبْهُ النَّبِيُّ ﷺ إلى ذَلِكَ، فَمِن أجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلى النَّبْذِ إلَيْهِمْ؛ إذْ كانُوا قَدْ أظْهَرُوا نَقْضَ العَهْدِ بِنَصْبِ الحَرْبِ لِحُلَفاءِ النَّبِيِّ ﷺ . ورُوِيَ نَحْوُ مَعْنى الآيَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قالَ: حَدَّثَنا أبُو داوُدَ قالَ: حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ قالَ: حَدَّثَنا شُعْبَةُ عَنْ أبِي الفَيْضِ عَنْ سُلَيْمٍ وقالَ غَيْرُهُ سُلَيْمُ بْنُ عامِرٍ رَجُلٌ مِن حِمْيَرَ قالَ: كانَ بَيْنَ مُعاوِيَةَ وبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ، وكانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلادِهِمْ، حَتّى إذا انْقَضى العَهْدُ غَزاهم، فَجاءَ رَجُلٌ عَلى فَرَسٍ أوْ بِرْذَوْنٍ وهو يَقُولُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وفاءٌ لا غَدْرٌ فَنَظَرُوا فَإذا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، فَأرْسَلَ إلَيْهِ مُعاوِيَةُ فَسَألَهُ فَقالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلا يَشُدُّ عُقْدَةً ولا يَحُلُّها حَتّى يَنْقَضِيَ أمَدُها أوْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ» فَرَجَعَ مُعاوِيَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب