الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى -: ﴿ولا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: " لا يُلْحِقْنَ بِأزْواجِهِنَّ غَيْرَ أوْلادِهِنَّ " وقِيلَ: إنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيهِ قَذْفُ أهْلِ الإحْصانِ، والكَذِبُ عَلى النّاسِ، وقَذْفُهم بِالباطِلِ وما لَيْسَ فِيهِمْ وسائِرُ ضُرُوبِ الكَذِبِ، وظاهِرُ الآيَةِ يَقْتَضِي جَمِيعَ ذَلِكَ. * * * وقَوْلُهُ تَعالى -: ﴿ولا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ﴾ رَوى مَعْمَرٌ عَنْ ثابِتٍ عَنْ أنَسٍ قالَ: «أخَذَ النَّبِيُّ ﷺ عَلى النِّساءِ حِينَ بايَعَهُنَّ أنْ لا يَنُحْنَ فَقُلْنَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ نِساءً أسْعَدْنَنا في الجاهِلِيَّةِ فَنُسْعِدُهُنَّ في الإسْلامِ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لا إسْعادَ في الإسْلامِ ولا شِغارَ في الإسْلامِ ولا جَلَبَ في الإسْلامِ ولا جَنَبَ في الإسْلامِ ومَنِ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنّا» ورُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ﴿ولا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ﴾ قالَ: النَّوْحُ. ورَوى هِشامٌ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قالَتْ: أخَذَ عَلَيْنا في البَيْعَةِ أنْ لا نَنُوحَ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ﴾ ورَوى عَطاءٌ عَنْ جابِرٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «نُهِيتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أحْمَقَيْنِ صَوْتِ لَعِبٍ ولَهْوٍ ومَزامِيرِ شَيْطانٍ عِنْدَ نَغْمَةٍ، وصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وشَقِّ جُيُوبٍ ورَنَّةِ شَيْطانٍ». قالَ أبُو بَكْرٍ: هو عُمُومٌ في جَمِيعِ طاعَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّها كُلَّها مَعْرُوفٌ، وتَرْكُكَ النُّوحَ أحَدُ ما أُرِيدَ بِالآيَةِ، وقَدْ عَلِمَ اللَّهُ أنَّ نَبِيَّهُ لا يَأْمُرُ إلّا بِمَعْرُوفٍ إلّا أنَّهُ شَرَطَ في النَّهْيِ عَنْ عِصْيانِهِ إذا أمَرَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ لِئَلّا يَتَرَخَّصَ أحَدٌ في طاعَةِ السَّلاطِينِ إذا لَمْ تَكُنْ طاعَةً لِلَّهِ - تَعالى -؛ إذْ كانَ اللَّهُ - تَعالى - قَدْ شَرَطَ في طاعَةِ أفْضَلِ البَشَرِ فِعْلَ المَعْرُوفِ، وهو في مَعْنى قَوْلِهِ ﷺ: «لا طاعَةَ لَمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخالِقِ» . وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَن أطاعَ مَخْلُوقًا في مَعْصِيَةِ الخالِقِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ المَخْلُوقَ» وفي لَفْظٍ آخَرَ: «عادَ حامِدُهُ مِنَ النّاسِ ذامًّا»، وإنَّما خَصَّ النَّبِيُّ ﷺ بِالمُخاطَبَةِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إذا جاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ﴾؛ لِأنَّ بَيْعَةَ مَن أسْلَمَ كانَ مَخْصُوصًا بِها النَّبِيُّ ﷺ وعَمَّ المُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ المِحْنَةِ في قَوْلِهِ تَعالى -: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠]؛ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْتَصُّ بِها النَّبِيُّ ﷺ دُونَ غَيْرِهِ، ألا تَرى أنّا نَمْتَحِنُ المُهاجِرَةَ الآنَ ؟ واللَّهُ أعْلَمُ بِالصَّوابِ. آخِرُ سُورَةِ المُمْتَحَنَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب