الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلا عَلَيْها﴾ يُحْتَجُّ بِهِ في امْتِناعِ جَوازِ تَصَرُّفِ أحَدٍ عَلى غَيْرِهِ إلّا ما قامَتْ دَلالَتُهُ، لِإخْبارِ اللَّهِ تَعالى أنَّ أحْكامَ أفْعالِ كُلِّ نَفْسٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِها دُونَ غَيْرِها؛ فَيُحْتَجُّ بِعُمُومِهِ في امْتِناعِ جَوازِ تَزْوِيجِ البِكْرِ الكَبِيرَةِ بِغَيْرِ إذْنِها وفي بُطْلانِ الحَجْرِ عَلى امْتِناعِ جَوازِ بَيْعِ أمْلاكِهِ عَلَيْهِ وفي جَوازِ تَصَرُّفِ البالِغِ العاقِلِ عَلى نَفْسِهِ وإنْ كانَ سَفِيهًا، لِإخْبارِ اللَّهِ تَعالى بِاكْتِسابِ كُلِّ نَفْسٍ عَلى نَفْسِهِ وفي نَظائِرِ ذَلِكَ مِنَ المَسائِلِ. * * * وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ إخْبارٌ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى لا يُؤاخِذُ أحَدًا بِذَنْبِ غَيْرِهِ وأنَّهُ لا يُعَذِّبُ الأبْناءَ بِذَنْبِ الآباءِ. وقَدِ احْتَجَّتْ عائِشَةُ في رَدِّ قَوْلِ مَن تَأوَّلَ ما رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكاءِ أهْلِهِ عَلَيْهِ فَقالَتْ: قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ وإنَّما مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِيَهُودِيٍّ يُبْكى عَلَيْهِ فَقالَ: إنَّهُ لَيُعَذَّبُ وهم يَبْكُونَ عَلَيْهِ» وقَدْ بَيَّنّا وجْهَ ذَلِكَ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ. وقِيلَ: إنَّ أصْلَهُ الوِزْرُ والمَلْجَأُ، مِن قَوْلِهِ: ﴿كَلا لا وزَرَ﴾ [القيامة: ١١] ولَكِنَّهُ جَرى في الأغْلَبِ عَلى الإثْمِ وشُبِّهَ بِمَنِ التَجَأ إلى غَيْرِ مَلْجَأٍ، ويُقالُ { وزَرَ يَزِرُ ووَزِرَ يَوْزَرُ ووُزِرَ يُوزَرُ فَهو مَوْزُورٌ }، وكُلُّهُ بِمَعْنى الإثْمِ؛ والوَزِيرُ بِمَعْنى المَلْجَأِ؛ لِأنَّ المَلِكَ يَلْجَأُ إلَيْهِ في الأُمُورِ. واَللَّهُ أعْلَمُ بِالصَّوابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب