الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى -: ﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ﴾ الآيَةَ. قالَ أبُو بَكْرٍ: بَيَّنَ اللَّهُ حُكْمَ ما لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ مِنَ الفَيْءِ فَجَعَلَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ عَلى ما قَدَّمْنا مِن بَيانِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الفَيْءِ الَّذِي أوْجَفَ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَجَعَلَهُ لِهَؤُلاءِ الأصْنافِ، وهُمُ الأصْنافُ الخَمْسُ المَذْكُورُونَ في غَيْرِها، وظاهِرُهُ يَقْتَضِي أنْ لا يَكُونَ لِلْغانِمَيْنِ شَيْءٌ مِنهُ إلّا مَن كانَ مِنهم مِن هَذِهِ الأصْنافِ، وقالَ قَتادَةُ: " كانَتِ الغَنائِمُ في صَدْرِ الإسْلامِ لِهَؤُلاءِ الأصْنافِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ: ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] " قالَ أبُو بَكْرٍ: لَمّا فَتَحَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ العِراقَ سَألَهُ قَوْمٌ مِنَ الصَّحابَةِ قِسْمَتَهُ بَيْنَ الغانِمِينَ، مِنهم الزُّبَيْرُ وبِلالٌ وغَيْرُهُما، فَقالَ: إنْ قَسَمْتُها بَيْنَهم بَقِيَ آخِرُ النّاسِ لا شَيْءَ لَهم؛ واحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الآيَةِ إلى قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠]، وشاوَرَ عَلِيًّا وجَماعَةً مِنَ الصَّحابَةِ في ذَلِكَ، فَأشارُوا عَلَيْهِ بِتَرْكِ القِسْمَةِ، وأنْ يُقِرَّ أهْلَها عَلَيْها ويَضَعَ عَلَيْها الخَراجَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، ووافَقَتْهُ الجَماعَةُ عِنْدَ احْتِجاجِهِ بِالآيَةِ، وهَذا (p-٣١٩)يَدُلُّ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ غَيْرُ مَنسُوخَةٍ وأنَّها مَضْمُومَةٌ إلى آيَةِ الغَنِيمَةِ في الأرَضِينَ المُفْتَتَحَةِ، فَإنْ رَأى قِسْمَتَها أصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ وأرَدَّ عَلَيْهِمْ قَسَمَ، وإنْ رَأى إقْرارَ أهْلِها عَلَيْها، وأخْذَ الخَراجِ مِنهم فِيها فَعَلَ؛ لِأنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الآيَةُ ثابِتَةَ الحُكْمِ في جَوازِ أخْذِ الخَراجِ مِنها حَتّى يَسْتَوِيَ الآخَرُ والأوَّلُ فِيها لَذَكَرُوهُ لَهُ وأخْبَرُوهُ بِنَسْخِها، فَلَمّا لَمْ يُحاجُّوهُ بِالنَّسْخِ دَلَّ عَلى ثُبُوتِ حُكْمِها عِنْدَهم وصِحَّةِ دَلالَتِها لَدَيْهِمْ عَلى ما اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الآيَتَيْنِ بِمَجْمُوعِهِما: واعْلَمُوا أنَّ ما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ في الأمْوالِ سِوى الأرَضِينَ وفي الأرَضِينَ إذا اخْتارَ الإمامُ ذَلِكَ، وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنَ الأرَضِينَ فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إنِ اخْتارَ تَرْكَها عَلى مِلْكِ أهْلِها، ويَكُونُ ذِكْرُ الرَّسُولِ هَهُنا لِتَفْوِيضِ الأمْرِ عَلَيْهِ في صَرْفِهِ إلى مَن رَأى؛ فاسْتَدَلَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الآيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكُمْ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠] وقالَ: لَوْ قَسَمْتَها بَيْنَهم لَصارَتْ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكم، ولَمْ يَكُنْ لِمَن جاءَ بَعْدَهم مِنَ المُسْلِمِينَ شَيْءٌ، وقَدْ جَعَلَ لَهم فِيها الحَقَّ بِقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠] فَلَمّا اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ حُكْمُ دَلالَةِ الآيَةِ ومُوافَقَةُ كُلِّ الصَّحابَةِ عَلى إقْرارِ أهْلِها عَلَيْها ووَضْعِ الخَراجِ بَعَثَ عُثْمانَ بْنَ حُنَيْفٍ وحُذَيْفَةَ بْنَ اليَمانِ فَمَسَحا الأرَضِينَ ووَضَعا الخَراجَ عَلى الأوْضاعِ المَعْلُومَةِ ووَضَعا الجِزْيَةَ عَلى الرِّقابِ وجَعَلاهم ثَلاثَ طَبَقاتٍ: اثْنِي عَشَرَ وأرْبَعَةً وعِشْرِينَ وثَمانِيَةً وأرْبَعِينَ، ثُمَّ لَمْ يَتَعَقَّبْ فِعْلَهُ هَذا أحَدٌ مِمَّنْ جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الأئِمَّةِ بِالفَسْخِ فَصارَ ذَلِكَ اتِّفاقًا. واخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في أحْكامِ الأرَضِينَ المُفْتَتَحَةِ عَنْوَةً، فَقالَ أصْحابُنا والثَّوْرِيُّ: " إذا افْتَتَحَها الإمامُ عَنْوَةً فَهو بِالخِيارِ إنْ شاءَ قَسَمَها وأهْلَها وأمْوالَهم بَيْنَ الغانِمِينَ بَعْدَ إخْراجِ الخُمُسِ، وإنْ شاءَ أقَرَّ أهْلَها عَلَيْها وجَعَلَ عَلَيْها وعَلَيْهِمُ الخَراجُ ويَكُونُ مِلْكًا لَهم ويَجُوزُ بَيْعُهم وشِراؤُهم لَها " وقالَ مالِكٌ: " ما باعَ أهْلُ الصُّلْحِ مِن أرْضِهِمْ فَهو جائِزٌ وما افْتُتِحَ عَنْوَةً فَإنَّهُ لا يَشْتَرِي مِنهم أحَدٌ؛ لِأنَّ أهْلَ الصُّلْحِ مَن أسْلَمَ مِنهم كانَ أحَقَّ بِأرْضِهِ ومالِهِ، وأمّا أهْلُ العَنْوَةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً فَمَن أسْلَمَ مِنهم أحْرَزَ لَهُ إسْلامُهُ نَفْسَهُ وأرْضَهُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأنَّ بِلادَهم قَدْ صارَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ " وقالَ الشّافِعِيُّ: " ما كانَ عَنْوَةً فَخُمُسُها لِأهْلِهِ وأرْبَعَةُ أخْماسِها لِلْغانِمَيْنِ، فَمَن طابَ نَفْسًا عَنْ حَقِّهِ لِلْإمامِ أنْ يَجْعَلَها وقْفًا عَلَيْهِمْ، ومَن لَمْ يَطِبْ نَفْسًا فَهو أحَقُّ بِمالِهِ " قالَ أبُو بَكْرٍ: لا تَخْلُو الأرْضُ المُفْتَتَحَةُ عَنْوَةً مِن أنْ تَكُونَ لِلْغانِمَيْنِ لا يَجُوزُ لِلْإمامِ صَرْفُها عَنْهم بِحالٍ إلّا بِطِيبَةٍ مِن أنْفُسِهِمْ، أوْ أنْ (p-٣٢٠)يَكُونَ الإمامُ مُخَيَّرًا بَيْنَ إقْرارِ أهْلِها عَلى أمْلاكِهِمْ فِيها ووَضْعِ الخَراجِ عَلَيْها وعَلى رِقابِ أهْلِها عَلى ما فَعَلَهُ عُمَرُ في أرْضِ السَّوادِ، فَلَمّا اتَّفَقَ الجَمِيعُ مِنَ الصَّحابَةِ عَلى تَصْوِيبِ عُمَرَ فِيما فَعَلَهُ في أرْضِ السَّوادِ بَعْدَ خِلافٍ مِن بَعْضِهِمْ عَلَيْهِ عَلى إسْقاطِ حَقِّ الغانِمِينَ عَنْ رِقابِها دَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ الغانِمِينَ لا يَسْتَحِقُّونَ مِلْكَ الأرَضِينَ، ولا رِقابَ أهْلِها إلّا بِأنْ يَخْتارَ الإمامُ ذَلِكَ لَهم؛ لِأنَّ ذَلِكَ لَوْ كانَ مِلْكًا لَهم لَما عَدَلَ عَنْهم بِها إلى غَيْرِهِمْ ولَنازَعُوهُ في احْتِجاجِهِ بِالآيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكُمْ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠] فَلَمّا سَلَّمَ لَهُ الجَمِيعُ رَأْيَهُ عِنْدَ احْتِجاجِهِ بِالآيَةِ دَلَّ عَلى أنَّ الغانِمِينَ لا يَسْتَحِقُّونَ مِلْكَ الأرَضِينَ إلّا بِاخْتِيارِ الإمامِ ذَلِكَ لَهم. وأيْضًا لا يَخْتَلِفُونَ أنَّ لِلْإمامِ أنْ يَقْتُلَ الأسْرى مِنَ المُشْرِكِينَ ولا يَسْتَبْقِيَهم، ولَوْ كانَ مِلْكُ الغانِمِينَ قَدْ ثَبَتَ فِيهِمْ لَما كانَ لَهُ إتْلافُهُ عَلَيْهِمْ كَما لا يُتْلِفُ عَلَيْهِمْ سائِرَ أمْوالِهِمْ، فَلَمّا كانَ لَهُ أنْ يَقْتُلَ الأسْرى ولَهُ أنْ يَسْتَبْقِيَهم فَيَقْسِمَهم بَيْنَهم ثَبَتَ أنَّ المِلْكَ لا يَحْصُلُ لِلْغانِمَيْنِ بِإحْرازِ الغَنِيمَةِ في الرِّقابِ والأرَضِينَ إلّا أنْ يَجْعَلَها الإمامُ لَهم ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أيْضًا ما رَوى الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِي حَثْمَةَ قالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ نِصْفًا لِنَوائِبِهِ وحاجَتِهِ ونِصْفًا بَيْنَ المُسْلِمِينَ، قَسَمَها بَيْنَهم عَلى ثَمانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛» فَلَوْ كانَ الجَمِيعُ مِلْكًا لِلْغانِمَيْنِ لَما جَعَلَ نِصْفَهُ لِنَوائِبِهِ وحاجَتِهِ وقَدْ فَتَحَها عَنْوَةً؛ ويَدُلُّ عَلَيْهِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً ومَنَّ عَلى أهْلِها فَأقَرَّهم عَلى أمْلاكِهِمْ فَقَدْ حَصَلَ بِدَلالَةِ الآيَةِ، وإجْماعِ السَّلَفِ والسُّنَّةِ تَخْيِيرُ الإمامِ في قِسْمَةِ الأرَضِينَ أوْ تَرْكِها مِلْكًا لِأهْلِها، ووَضَعَ الخَراجَ عَلَيْها. ويَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أبِي صالِحٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنَعَتِ العِراقُ قَفِيزَها ودِرْهَمَها، ومَنَعَتِ الشّامُ مُدَّها ودِينارَها، ومَنَعَتْ مِصْرُ أرْدَبَّها ودِينارَها، وعُدْتُمْ كَما بَدَأْتُمْ» شَهِدَ عَلى ذَلِكَ لَحْمُ أبِي هُرَيْرَةَ ودَمُهُ فَأخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - عَنْ مَنعِ النّاسِ لَهَذِهِ الحُقُوقِ الواجِبَةِ لِلَّهِ - تَعالى - في الأرَضِينَ وأنَّهم يَعُودُونَ إلى حالِ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ في مَنعِها، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى صِحَّةِ قَوْلِ عُمَرَ في السَّوادِ وأنَّ ما وضَعَهُ هو مِن حُقُوقِ اللَّهِ - تَعالى - الَّتِي يَجِبُ أداؤُها فَإنْ قِيلَ: لَيْسَ فِيما ذَكَرْتَ مِن فِعْلِ عُمَرَ في السَّوادِ إجْماعٌ؛ لِأنَّ حَبِيبَ بْنَ أبِي ثابِتٍ وغَيْرَهُ قَدْ رَوَوْا عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنَ يَزِيدَ الحِمّانِيِّ قالَ: دَخَلْنا عَلى عَلِيٍّ بِالرَّحْبَةِ فَقالَ: لَوْلا أنْ يَضْرِبَ بَعْضُكم وُجُوهَ بَعْضٍ لَقَسَمْتُ السَّوادَ بَيْنَكم قِيلَ لَهُ الصَّحِيحُ عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ أشارَ عَلى عُمَرَ (p-٣٢١)رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَرْكِ قِسْمَةِ السَّوادِ، وإقْرارِ أهْلِهِ عَلَيْهِ، ومَعَ ذَلِكَ فَإنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يَصِحَّ عَنْ عَلِيٍّ ما ذَكَرْتَ؛ لِأنَّهُ لا يَخْلُو مَن خاطَبَهم عَلِيٌّ بِذَلِكَ مِن أنْ يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ فَتَحُوا السَّوادَ فاسْتَحَقُّوا مِلْكَهُ وقِسْمَتَهُ بَيْنَهم مِن غَيْرِ خِيارٍ لِلْإمامِ فِيهِ، أوْ أنْ يَكُونَ المُخاطَبُونَ بِهِ غَيْرَ الَّذِينَ فَتَحُوهُ، أوْ خاطَبَ بِهِ الجَيْشَ وهم أخْلاطٌ مِنهم مَن شَهِدَ فَتْحَ السَّوادِ ومِنهم مَن لَمْ يَشْهَدْهُ؛ وغَيْرُ جائِزٍ أنْ يَكُونَ الخِطابُ لِمَن لَمْ يَشْهَدْ فَتْحَهُ؛ لِأنَّ أحَدًا لا يَقُولُ إنَّ الغَنِيمَةَ تُصْرَفُ إلى غَيْرِ الغانِمِينَ ويَخْرُجُ مِنها الغانِمُونَ، وأنْ يَكُونُوا أخْلاطًا فِيهِمْ مَن شَهِدَ الفَتْحَ واسْتَحَقَّ الغَنِيمَةَ وفِيهِمْ مَن لَمْ يَشْهَدْهُ، وهَذا مِثْلُ الأوَّلِ؛ لِأنَّ مَن لَمْ يَشْهَدِ الفَتْحَ لا يَجُوزُ أنْ يُسْهَمَ لَهُ وتُقْسَمُ الغَنِيمَةُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الَّذِينَ شَهِدُوهُ أوْ أنْ يَكُونَ خاطَبَ بِهِ مَن شَهِدَ الفَتْحَ دُونَ غَيْرِهِ، فَإنْ كانَ كَذَلِكَ وكانُوا هُمُ المُسْتَحَقِّينَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ مِن غَيْرِ خِيارٍ لِلْإمامِ فِيهِ فَغَيْرُ جائِزٍ أنْ يَجْعَلَ حَقَّهم لِغَيْرِهِمْ؛ لِأنَّ بَعْضَهم يَضْرِبُ وُجُوهَ بَعْضٍ.؛ إذْ كانَ أتْقى لِلَّهِ مِن أنْ يَتْرُكَ حَقًّا يَجِبُ عَلَيْهِ القِيامُ بِهِ إلى غَيْرِهِ؛ لِما وصَفْتَ وعَلى أنَّهُ لَمْ يُخَصِّصْ بِهَذا الخِطابِ الَّذِينَ فَتَحُوهُ دُونَ غَيْرِهِمْ، وفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى فَسادِ هَذِهِ الرِّوايَةِ، وقَدِ اخْتَلَفَ النّاسُ بَعْدَ ثُبُوتِ هَذا الأصْلِ الَّذِي ذَكَرْنا وصِحَّةِ الرِّوايَةِ عَنْ عُمَرَ في كافَّةِ الصَّحابَةِ عَلى تَرْكِ قِسْمَةِ السَّوادِ، وإقْرارِ أهْلِهِ عَلَيْهِ، فَقالَ قائِلُونَ: " أقَرَّهم عَلى أمْلاكِهِمْ وتَرْكِ أمْوالِهِمْ في أيْدِيهِمْ ولَمْ يَسْتَرِقَّهم "، وهو الَّذِي ذَكَرْناهُ مِن مَذْهَبِ أصْحابِنا وقالَ آخَرُونَ: " إنَّما أقَرَّهم عَلى أرْضِهِمْ عَلى أنَّهم وأرْضُهم فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وأنَّهم غَيْرُ مُلّاكٍ لَها " وقالَ آخَرُونَ: " أقَرَّهم عَلى أنَّهم أحْرارٌ والأرَضُونَ مَوْقُوفَةٌ عَلى مَصالِحِ المُسْلِمِينَ " . قالَ أبُو بَكْرٍ: ولَمْ يَخْتَلِفُوا أنَّ مَن أسْلَمَ مِن أهْلِ السَّوادِ كانَ حُرًّا وأنَّهُ لَيْسَ لِأحَدٍ أنْ يَسْتَرِقَّهُ، وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أنَّ دِهْقانًا أسْلَمَ عَلى عَهْدِهِ فَقالَ لَهُ: " إنْ أقَمْتَ في أرْضِكَ رَفَعْنا الجِزْيَةَ عَنْ رَأْسِكَ وأخَذْناها مِن أرْضِكَ، وإنْ تَحَوَّلْتَ عَنْها فَنَحْنُ أحَقُّ بِها "، . وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في دِهْقانَةِ نَهْرِ المُلْكِ حِينَ أسْلَمَتْ؛ فَلَوْ كانُوا عَبِيدًا لَما زالَ عَنْهُمُ الرِّقُّ بِالإسْلامِ فَإنْ قِيلَ فَقَدْ قالا: إنْ تَحَوَّلْتَ عَنْها فَنَحْنُ أحَقُّ بِها قِيلَ لَهُ: إنَّما أرادا بِذَلِكَ أنَّكَ إنْ عَجَزْتَ عَنْ عِمارَتِها عَمَّرْناها نَحْنُ وزَرَعْناها لِئَلّا تَبْطُلَ الحُقُوقُ الَّتِي قَدْ وجَبَتْ لِلْمُسْلِمِينَ في رِقابِها وهو الخَراجُ؛ وكَذَلِكَ يَفْعَلُ الإمامُ عِنْدَنا بِأراضِي العاجِزِينَ عَنْ عِمارَتِها ولَمّا ثَبَتَ بِما وصَفْنا أنَّ مَن أسْلَمَ مِن أهْلِ السَّوادِ فَهو حُرٌّ، ثَبَتَ أنَّ أراضِيَهم عَلى أمْلاكِهِمْ كَما كانَتْ رِقابُهم مُبَقّاةً عَلى أصْلِ الحُرِّيَّةِ، ومِن حَيْثُ جازَ لِلْإمامِ عِنْدَ مُخالِفَيْنا أنْ يَقْطَعَ حَقَّ (p-٣٢٢)الغانِمِينَ عَنْ رِقابِها ويَجْعَلَها مَوْقُوفَةً عَلى المُسْلِمِينَ بِصَرْفِ خَراجِها إلَيْهِمْ جازَ إقْرارُها عَلى أمْلاكِ أهْلِها ويُصْرَفُ خَراجُها إلى المُسْلِمِينَ؛ إذْ لا حَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ في نَفْيِ مِلْكِ مُلّاكِها عَنْها بَعْدَ أنْ لا يَحْصُلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِلْكُها، وإنَّما حَقُّهم في الحالَيْنِ في خَراجِها لا في رِقابِها بِأنْ يَتَمَلَّكُوها وذَكَرَ يَحْيى بْنُ آدَمَ عَنْ الحَسَنِ بْنِ صالِحٍ قالَ: سَمِعْنا أنَّ الغَنِيمَةَ ما غَلَبَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ حَتّى يَأْخُذُوهُ عَنْوَةً بِالقِتالِ وأنَّ الفَيْءَ ما صُولِحُوا عَلَيْهِ "؛ قالَ الحَسَنُ: " فَأمّا سَوادُنا هَذا فَإنّا سَمِعْنا أنَّهُ كانَ في أيْدِي النِّبْطِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ أهْلُ فارِسَ، فَكانُوا يُؤَدُّونَ إلَيْهِمُ الخَراجَ، فَلَمّا ظَهَرَ المُسْلِمُونَ عَلى أهْلِ فارِسَ تَرَكُوا السَّوادَ، ومَن لَمْ يُقاتِلْهم مِنَ الدَّهاقِينِ عَلى حالِهِمْ ووَضَعُوا الجِزْيَةَ عَلى رُءُوسِ الرِّجالِ ومَسَحُوا ما كانَ في أيْدِيِهِمْ مِنَ الأرَضِينَ، ووَضَعُوا عَلَيْهِمُ الخَراجَ، وقَبَضُوا عَلى كُلِّ أرْضٍ لَيْسَتْ في يَدِ أحَدٍ فَكانَتْ صَوافِيَ لِلْإمامِ " . قالَ أبُو بَكْرٍ: كَأنَّهُ ذَهَبَ إلى أنَّ النِّبْطَ لَمّا كانُوا أحْرارًا في مَمْلَكَةِ أهْلِ فارِسَ فَكانَتْ أمْلاكُهم ثابِتَةً في أراضِيِهِمْ، ثُمَّ ظَهَرَ المُسْلِمُونَ عَلى أهْلِ فارِسَ وهُمُ الَّذِينَ قاتَلُوا المُسْلِمِينَ ولَمْ يُقاتِلْهُمُ النِّبْطُ كانَتْ أراضِيُهم ورِقابُهم عَلى ما كانَتْ عَلَيْهِ في أيّامِ الفُرْسِ؛ لِأنَّهم لَمْ يُقاتِلُوا المُسْلِمِينَ، فَكانَتْ أرَضُوهم ورِقابُهم في مَعْنى ما صُولِحَ عَلَيْهِ وأنَّهم إنَّما كانُوا يَمْلِكُونَ أراضِيَهم ورِقابَهم لَوْ قاتَلُوهم. وهَذا وجْهٌ كانَ يَحْتَمِلُهُ الحالُ لَوْلا أنَّ مُحاجَّةَ عُمَرَ لِأصْحابِهِ الَّذِينَ سَألُوهُ قِسْمَةَ السَّوادِ كانَتْ مِن غَيْرِ هَذا الوَجْهِ، وإنَّما احْتَجَّ بِدَلالَةِ الكِتابِ دُونَ ما ذَكَرَهُ الحَسَنُ فَإنْ قِيلَ: إنَّما دَفَعَ عُمَرُ السَّوادَ إلى أهْلِهِ بِطِيبَةٍ مِن نُفُوسِ الغانِمِينَ عَلى وجْهِ الإجارَةِ، والأُجْرَةُ تُسَمّى خَراجًا، قالَ النَّبِيُّ ﷺ «الخَراجُ بِالضَّمانِ» ومُرادُهُ أُجْرَةُ العَبْدِ المُشْتَرى إذا رُدَّ بِالعَيْبِ قالَ أبُو بَكْرٍ: هَذا غَلَطٌ مِن وُجُوهٍ. أحَدُها: أنَّ عُمَرَ لَمْ يَسْتَطِبْ نُفُوسَ القَوْمِ في وضْعِ الخَراجِ وتَرْكِ القِسْمَةِ، وإنَّما شاوَرَ الصَّحابَةَ وحاجَّ مَن طَلَبَ القِسْمَةَ بِما أوْضَحَ بِهِ قَوْلَهُ، ولَوْ كانَ قَدِ اسْتَطابَ نُفُوسَهم لَنُقِلَ كَما نُقِلَ ما كانَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم مِنَ المُراجَعَةِ والمُحاجَّةِ، فَإنْ قِيلَ: قَدْ نُقِلَ ذَلِكَ، وذَكَرَ ما رَواهُ إسْماعِيلُ بْنُ أبِي خالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ قالَ: كُنّا رُبُعَ النّاسِ فَأعْطانا عُمَرُ رُبُعَ السَّوادِ فَأخَذْناهُ ثَلاثَ سِنِينَ. ثُمَّ وفَدَ جَرِيرٌ إلى عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقالَ عُمَرُ: واللَّهِ لَوْلا أنِّي قاسِمٌ مَسْؤُولٌ لَكُنْتُمْ عَلى ما قُسِمَ لَكم، فَأرى أنْ تَرُدُّوهُ عَلى المُسْلِمِينَ فَفَعَلَ، فَأجازَهُ عُمَرُ بِثَمانِينَ دِينارًا، فَأتَتْهُ امْرَأةٌ فَقالَتْ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إنَّ قَوْمِي صالَحُوكَ عَلى أمْرٍ ولَسْتُ أرْضى حَتّى تَمْلَأ كَفي ذَهَبًا وتَحْمِلَنِي عَلى جَمَلٍ ذَلُولٍ وتُعْطِيَنِي قَطِيفَةً حَمْراءَ، قالَ: فَفَعَلَ قالَ أبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلى (p-٣٢٣)أنَّهُ كانَ مَلَّكَهم رِقابَ الأرَضِينَ، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ أعْطاهم رُبُعَ الخَراجِ ثُمَّ رَأى بَعْدَ ذَلِكَ أنْ يَقْتَصِرَ بِهِمْ عَلى أُعْطِيّاتِهِمْ دُونَ الخَراجِ؛ لِيَكُونُوا أُسْوَةً لِسائِرِ النّاسِ. وكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ بِاسْتِطابَةٍ مِنهُ لِنُفُوسِهِمْ وقَدْ أخْبَرَ عُمَرُ أنَّهُ رَأى رَدَّهُ عَلى المُسْلِمِينَ وأظْهَرَ أنَّهُ لا يَسَعُهُ غَيْرُهُ لَمّا كانَ عِنْدَهُ أنَّهُ الأصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ. وأمّا أمْرُ المَرْأةِ فَإنَّهُ أعْطاها مِن بَيْتِ المالِ؛ لِأنَّهُ قَدْ كانَ جائِزًا لَهُ أنْ يَفْعَلَهُ مِن غَيْرِ أخْذِ ما كانَ في أيْدِيهِمْ مِنَ السَّوادِ، وأمّا قَوْلُهُ: " إنَّ الخَراجَ أُجْرَةٌ " فَفاسِدٌ مِن وُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّهُ لا خِلافَ أنَّ الإجاراتِ لا تَجُوزُ إلّا عَلى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ إذا وقَعَتْ عَلى المُدَّةِ، وأيْضًا فَإنَّ أهْلَها لَمْ يَخْلُوا مِن أنْ يَكُونُوا عَبِيدًا أوْ أحْرارًا، فَإنْ كانُوا عَبِيدًا فَإنَّ إجارَةَ المَوْلى مِن عَبْدِهِ لا تَجُوزُ، وإنْ كانُوا أحْرارًا فَكَيْفَ جازَ أنْ تُتْرَكَ رِقابُهم عَلى أصْلِ الحُرِّيَّةِ ولا تُتْرَكَ أراضِيهِمْ عَلى أمْلاكِهِمْ، وأيْضًا لَوْ كانُوا عَبِيدًا لَمْ يَجُزْ أخْذُ الجِزْيَةِ مِن رِقابِهِمْ؛ لِأنَّهُ لا خِلافَ أنَّ العَبِيدَ لا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ، وأيْضًا لا خِلافَ أنَّ إجارَةَ النَّخْلِ والشَّجَرِ غَيْرُ جائِزَةٍ، وقَدْ أخَذَ عُمَرُ الخَراجَ مِنَ النَّخْلِ والشَّجَرِ فَدَلَّ عَلى أنَّهُ لَيْسَ بِأُجْرَةٍ. وقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهاءُ في شِرى أرْضِ الخَراجِ واسْتِئْجارِها، فَقالَ أصْحابُنا: " لا بَأْسَ بِذَلِكَ "، وهو قَوْلُ الأوْزاعِيِّ وقالَ مالِكٌ: " أكْرَهُ اسْتِئْجارَ أرْضِ الخَراجِ " وكَرِهَ شَرِيكٌ شِرى أرْضِ الخَراجِ وقالَ: لا تَجْعَلْ في عُنُقِكَ صَغارًا وذَكَرَ الطَّحاوِيُّ عَنِ ابْنِ أبِي عِمْرانَ عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ بِكارٍ قالَ: سَألَ رِجْلٌ المُعافى بْنَ عِمْرانَ عَنِ الزَّرْعِ في أرْضِ الخَراجِ، فَنَهاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقالَ لَهُ قائِلٌ: فَإنَّكَ تَزْرَعُ أنْتَ فِيها فَقالَ: يا ابْنَ أخِي لَيْسَ في الشَّرِّ قُدْوَةٌ، وقالَ الشّافِعِيُّ: " لا بَأْسَ بِأنْ يَكْتَرِيَ المُسْلِمُ أرْضَ خَراجٍ كَما يَكْتَرِيَ دَوابَّهم " قالَ: والحَدِيثُ الَّذِي جاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «لا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أنْ يُؤَدِّيَ الخَراجَ ولا لِمُشْرِكٍ أنْ يَدْخُلَ المَسْجِدَ الحَرامَ» إنَّما هو خَراجُ الجِزْيَةِ. قالَ أبُو بَكْرٍ: رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ اشْتَرى أرْضَ خَراجٍ، ورُوِيَ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «لا تَتَّخِذُوا الضَّيْعَةَ فَتَرْغَبُوا في الدُّنْيا» قالَ عَبْدُ اللَّهِ: وبِراذانَ ما بِراذانَ وبِالمَدِينَةِ ما بِالمَدِينَةِ وذَلِكَ أنَّهُ كانَتْ لَهُ ضَيْعَةُ بِراذانَ وراذانُ مِن أرْضِ الخَراجِ. ورُوِيَ أنَّ الحَسَنَ والحُسَيْنَ ابْنَيْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ اشْتَرَوْا مِن أرْضِ السَّوادِ؛ فَهَذا يَدُلُّ عَلى مَعْنَيَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّها أمْلاكٌ لِأهْلِها. والثّانِي: أنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِلْمُسْلِمِ شِراها. ورُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وعُمَرَ فِيمَن أسْلَمَ مِن أهْلِ الخَراجِ: " أنَّهُ إنْ أقامَ عَلى أرْضِهِ أُخِذَ مِنهُ الخَراجُ " . ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ كَرِهَ شِرى أرْضِ أهْلِ الذِّمَّةِ، وقالَ: " لا تَجْعَلْ ما جَعَلَ اللَّهُ في عُنُقِ هَذا الكافِرِ في عُنُقِكَ "؛ وقالَ ابْنُ عُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ، (p-٣٢٤)وقالَ: " لا تَجْعَلْ في عُنُقِكَ الصَّغارَ " قالَ أبُو بَكْرٍ: وخَراجُ الأرْضِ لَيْسَ بِصَغارٍ؛ لِأنَّهُ لا نَعْلَمُ خِلافًا بَيْنَ السَّلَفِ أنَّ الذِّمِّيَّ إذا كانَتْ لَهُ أرْضُ خَراجٍ فَأسْلَمَ أنَّهُ يُؤْخَذُ الخَراجُ مِن أرْضِهِ ويَسْقُطُ عَنْ رَأْسِهِ، فَلَوْ كانَ صَغارًا لَسَقَطَ بِالإسْلامِ. وقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنَعَتِ العِراقُ قَفِيزَها ودِرْهَمَها» يَدُلُّ عَلى أنَّهُ واجِبٌ عَلى المُؤْمِنِينَ؛ لِأنَّهُ أخْبَرَ عَمّا يَمْنَعُ المُسْلِمُونَ مِن حَقِّ اللَّهِ في المُسْتَقْبَلِ، ألا تَرى أنَّهُ قالَ: «وعُدْتُمْ كَما بَدَأْتُمْ» ؟ والصَّغارُ لا يَجِبُ عَلى المُسْلِمِينَ، وإنَّما يَجِبُ عَلى الكُفّارِ لِلْمُسْلِمِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب