الباحث القرآني

ومِن سُورَةِ الحَشْرِ ﷽ قَوْلُهُ تَعالى -: ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لأوَّلِ الحَشْرِ﴾ قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ: " أوَّلُ الحَشْرِ جَلاءُ بَنِي النَّضِيرِ مِنَ اليَهُودِ، فَمِنهم مَن خَرَجَ إلى خَيْبَرَ ومِنهم مَن خَرَجَ إلى الشّامِ " وقالَ الزُّهْرِيُّ: «قاتَلَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتّى صالَحَهم عَلى الجَلاءِ فَأجْلاهم إلى الشّامِ، وعَلى أنَّ لَهم ما أقَلَّتِ الإبِلُ مِن شَيْءٍ إلّا الحَلْقَةَ، والحَلْقَةُ السِّلاحُ». قالَ أبُو بَكْرٍ: قَدِ انْتَظَمَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ: أحَدُهُما مُصالَحَةُ أهْلِ الحَرْبِ عَلى الجَلاءِ عَنْ دِيارِهِمْ مِن غَيْرِ سَبْيٍ ولا اسْتِرْقاقٍ ولا دُخُولٍ في الذِّمَّةِ ولا أخْذِ جِزْيَةٍ، وهَذا الحُكْمُ مَنسُوخٌ عِنْدَنا إذا كانَ بِالمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلى قِتالِهِمْ عَلى الإسْلامِ؛ أوْ أداءِ الجِزْيَةِ وذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ قَدْ أمَرَ بِقِتالِ الكُفّارِ حَتّى يُسْلِمُوا أوْ يُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، قالَ اللَّهُ - تَعالى -: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ٢٩] إلى قَوْلِهِ: ﴿حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهم صاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] وقالَ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]؛ فَغَيْرُ جائِزٍ إذا كانَ بِالمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلى قِتالِهِمْ، وإدْخالِهِمْ في الذِّمَّةِ أوْ في الإسْلامِ أنْ يُجْلُوهم، ولَكِنَّهُ لَوْ عَجَزَ (p-٣١٧)المُسْلِمُونَ عَنْ مُقاوِمَتِهِمْ في إدْخالِهِمْ في الإسْلامِ أوِ الذِّمَّةِ جازَ لَهم مُصالَحَتُهم عَلى الجَلاءِ عَنْ بِلادِهِمْ والمَعْنى الثّانِي: جَوازُ مُصالَحَةِ أهْلِ الحَرْبِ عَلى مَجْهُولٍ مِنَ المالِ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ صالَحَهم عَلى أراضِيِهِمْ وعَلى الحَلْقَةِ وتَرَكَ لَهم ما أقَلَّتِ الإبِلُ، وذَلِكَ مَجْهُولٌ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاعْتَبِرُوا يا أُولِي الأبْصارِ﴾ فِيهِ أمْرٌ بِالِاعْتِبارِ والقِياسُ في أحْكامِ الحَوادِثِ ضَرْبٌ مِنَ الِاعْتِبارِ، فَوَجَبَ اسْتِعْمالُهُ بِظاهِرِ الآيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب