الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى -: ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ رَوى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا عَلى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها فافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأ: ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ أنَّ المُرادَ صَلاةُ الفَجْرِ وصَلاةُ العَصْرِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: (p-٢٩٣)" صَلاةُ اللَّيْلِ " قالَ أبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ أنْ يُرِيدَ صَلاةَ المَغْرِبِ والعَتَمَةِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأدْبارَ السُّجُودِ﴾ قالَ عَلِيٌّ وعُمَرُ والحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وابْنُ عَبّاسٍ والحَسَنُ البَصْرِيُّ ومُجاهِدٌ والنَّخَعِيُّ والشَّعْبِيُّ: ﴿وأدْبارَ السُّجُودِ﴾ رَكْعَتانِ بَعْدَ المَغْرِبِ ﴿وإدْبارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: ٤٩] رَكْعَتانِ قَبْلَ الفَجْرِ وعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ مِثْلُهُ وعَنْ مُجاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وأدْبارَ السُّجُودِ﴾ " إذا وضَعْتَ جَبْهَتَكَ عَلى الأرْضِ أنْ تُسَبِّحَ ثَلاثًا " . قالَ أبُو بَكْرٍ: اتَّفَقَ مَن ذَكَرْنا قَوْلَهُ بَدِيًّا أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ أرادَ بِهِ الصَّلاةَ. وكَذَلِكَ: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ هو صَلاةُ اللَّيْلِ وهي العَتَمَةُ والمَغْرِبُ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ﴿وأدْبارَ السُّجُودِ﴾ هو الصَّلاةَ؛ لِأنَّ فِيهِ ضَمِيرَ " فَسَبِّحْهُ "، وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «التَّسْبِيحُ في دُبُرٍ كُلِّ صَلاةٍ»، ولَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ تَفْسِيرُ الآيَةِ. ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ أفْلَحَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ قالَ: «أمَرَنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ نُسَبِّحَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ ونَحْمَدَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ ونُكَبِّرَ أرْبَعًا وثَلاثِينَ، فَأتى رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ في المَنامِ فَقالَ: أمَرَكم مُحَمَّدٌ ﷺ أنْ تُسَبِّحُوا في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ وتَحْمَدُوا ثَلاثًا وثَلاثِينَ وتُكَبِّرُوا أرْبَعًا وثَلاثِينَ فَلَوْ جَعَلْتُمُوها خَمْسًا وعِشْرِينَ خَمْسًا وعِشْرِينَ فاجْعَلُوا فِيها التَّهْلِيلَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: افْعَلُوا» . ورَوى سُمَيٌّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالُوا: «يا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجاتِ والنَّعِيمِ المُقِيمِ قالَ: كَيْفَ ذاكَ ؟ قالُوا: صَلَّوْا كَما صَلَّيْنا وجاهَدُوا كَما جاهَدْنا وأنْفَقُوا مِن فُضُولِ أمْوالِهِمْ ولَيْسَتْ لَنا أمْوالٌ، فَقالَ: أنا أُخْبِرُكم بِأمْرٍ تُدْرِكُونَ بِهِ مَن كانَ قَبْلَكم وتَسْبِقُونَ بِهِ مَن بَعْدَكم، لا يَأْتِي أحَدٌ بِمِثْلِ ما جِئْتُمْ بِهِ إلّا مَن جاءَ بِمِثْلِهِ، تُسَبِّحُونَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وتَحْمَدُونَ اللَّهَ عَشْرًا وتُكَبِّرُونَ عَشْرًا» . ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ إلّا أنَّهُ قالَ: «تُسَبِّحُ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ وتَحْمَدُ ثَلاثًا وثَلاثِينَ وتُكَبِّرُ أرْبَعًا وثَلاثِينَ» . ورَوى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ، وقالَ: «وتُكَبِّرُ أرْبَعًا وثَلاثِينَ» ورَوى أبُو هارُونَ العَبْدِيُّ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: «سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ في آخِرِ صَلاتِهِ عِنْدَ انْصِرافِهِ: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وسَلامٌ عَلى المُرْسَلِينَ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ» . قالَ أبُو بَكْرٍ: فَإنْ حُمِلَ مَعْنى الآيَةِ عَلى الوُجُوبِ كانَ قَوْلُهُ: ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ [طه: ١٣٠] عَلى صَلاةِ الفَجْرِ، ﴿وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ عَلى صَلاةِ الظُّهْرِ والعَصْرِ. وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ: ﴿ومِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ " صَلاةُ العَتَمَةِ والمَغْرِبِ " . فَتَكُونُ الآيَةُ مُنْتَظِمَةً لِلصَّلَواتِ الخَمْسِ، وعَبَّرَ عَنِ الصَّلاةِ بِالتَّسْبِيحِ؛ لِأنَّ التَّسْبِيحَ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَمّا لا يَلِيقُ (p-٢٩٤)بِهِ، والصَّلاةُ تَشْتَمِلُ عَلى قِراءَةِ القُرْآنِ وأذْكارٍ هي تَنْزِيهٌ لِلَّهِ - تَعالى - . آخِرُ سُورَةِ ق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب