الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ومُجاهِدٍ والضَّحّاكِ والسُّدِّيِّ وعِكْرِمَةَ: " أنَّ المُرادَ بِالنّاسِ هَهُنا هو النَّبِيُّ ﷺ خاصَّةً " . وقالَ قَتادَةُ: " العَرَبُ " . وقالَ آخَرُونَ: " النَّبِيُّ ﷺ وأصْحابُهُ "؛ وهَذا أوْلى؛ لِأنَّ أوَّلَ الخِطابِ في ذِكْرِ اليَهُودِ، وقَدْ كانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَقْرَءُونَ في كُتُبِهِمْ مَبْعَثَ النَّبِيِّ ﷺ وصِفَتَهُ وحالَ نُبُوَّتِهِ، وكانُوا يُوعِدُونَ العَرَبَ بِالقَتْلِ عِنْدَ مَبْعَثِهِ؛ لِأنَّهم زَعَمُوا أنَّهم لا يَتَّبِعُونَهُ، وكانُوا يَظُنُّونَ أنَّهُ يَكُونُ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، فَلَمّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعالى مِن ولَدِ إسْماعِيلَ حَسَدُوا العَرَبَ وأظْهَرُوا الكُفْرَ بِهِ وجَحَدُوا ما عَرَفُوهُ. قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] وقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ودَّ كَثِيرٌ مِن أهْلِ الكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكم مِن بَعْدِ إيمانِكم كُفّارًا حَسَدًا مِن عِنْدِ أنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: ١٠٩] فَكانَتْ عَداوَةُ اليَهُودِ لِلْعَرَبِ ظاهِرَةً بَعْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ حَسَدًا مِنهم لَهم أنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ مَبْعُوثًا مِنهم؛ فالأظْهَرُ مِن مَعْنى الآيَةِ حَسَدُهم لِلنَّبِيِّ ﷺ ولِلْعَرَبِ. (p-١٧٢)والحَسَدُ هو تَمَنِّي زَوالِ النِّعْمَةِ عَنْ صاحِبِها؛ ولِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ كُلَّ أحَدٍ تَقْدِرُ أنْ تُرْضِيَهُ إلّا حاسِدَ نِعْمَةٍ فَإنَّهُ لا يُرْضِيهِ إلّا زَوالُها؛ والغِبْطَةُ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ؛ لِأنَّها تَمَنِّي مِثْلِ النِّعْمَةِ مِن غَيْرِ زَوالِها عَنْ صاحِبِها بَلْ مَعَ سُرُورٍ مِنهُ بِبَقائِها عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب