الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقًا لِما مَعَكم مِن قَبْلِ أنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا﴾ يَدُلُّ عَلى قَوْلِ أصْحابِنا في قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأتِهِ أنْتِ طالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلانٍ، أنَّها (p-١٧١)تُطَلَّقُ في الحالِ قَدِمَ فُلانٌ أوْ لَمْ يَقْدُمْ. وحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أنَّها لا تُطَلَّقُ حَتّى يَقْدُمَ؛ لِأنَّهُ لا يُقالُ إنَّهُ قَبْلَ قُدُومِ فُلانٍ وما قَدِمَ. والصَّحِيحُ ما قالَ أصْحابُنا، وهَذِهِ الآيَةُ تَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأنَّهُ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقًا لِما مَعَكم مِن قَبْلِ أنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا﴾ فَكانَ الأمْرُ بِالإيمانِ صَحِيحًا قَبْلَ طَمْسِ الوُجُوهِ ولَمْ يُوجَدِ الطَّمْسُ أصْلًا، وكانَ ذَلِكَ إيمانًا قَبْلَ طَمْسِ الوُجُوهِ وما وُجِدَ؛ وهو نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا﴾ [المجادلة: ٣] فَكانَ الأمْرُ بِالعِتْقِ لِلرَّقَبَةِ أمْرًا صَحِيحًا وإنْ لَمْ يُوجَدِ المَسِيسُ. فَإنْ قِيلَ: إنَّ هَذا وعِيدٌ مِنَ اللَّهِ لِلْيَهُودِ ولَمْ يُسْلِمُوا ولَمْ يَقَعْ ما تُوُعِّدُوا بِهِ. قِيلَ لَهُ: إنَّ قَوْمًا مِن هَؤُلاءِ اليَهُودِ أسْلَمُوا، مِنهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ وثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ وزَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ وأسَدُ بْنُ سَعْيَةَ وأسَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ومُخَيْرِيقٌ في آخَرِينَ مِنهم، وإنَّما كانَ الوَعِيدُ العاجِلُ مُعَلَّقًا بِتَرْكِ جَمِيعِهِمُ الإسْلامَ؛ ومُحْتَمَلٌ أنْ يُرِيدَ بِهِ الوَعِيدَ في الآخِرَةِ؛ إذْ لَمْ يُذْكَرْ في الآيَةِ تَعْجِيلُ العُقُوبَةِ في الدُّنْيا إنْ لَمْ يُسْلِمُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب