الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّبَعَ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا واتَّخَذَ اللَّهُ إبْراهِيمَ خَلِيلا﴾ هو نَظِيرُ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أوْحَيْنا (p-٢٦٩)إلَيْكَ أنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣] وهَذا يُوجِبُ أنَّ كُلَّ ما ثَبَتَ مِن مِلَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَعَلَيْنا اتِّباعُهُ. فَإنْ قِيلَ: فَواجِبٌ أنْ تَكُونَ شَرِيعَةُ النَّبِيِّ ﷺ هي شَرِيعَةُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ. قِيلَ لَهُ: إنَّ مِلَّةَ إبْراهِيمَ داخِلَةٌ في مِلَّةِ النَّبِيِّ ﷺ وفي مِلَّةِ نَبِيِّنا ﷺ زِيادَةٌ عَلى مِلَّةِ إبْراهِيمَ؛ فَوَجَبَ مِن أجْلِ ذَلِكَ اتِّباعُ مِلَّةِ إبْراهِيمَ، إذْ كانَتْ داخِلَةً في مِلَّةِ النَّبِيِّ ﷺ . فَكانَ مُتَّبِعُ مِلَّةِ النَّبِيِّ ﷺ مُتَّبِعًا لِمِلَّةِ إبْراهِيمَ. وقِيلَ في الحَنِيفِ: إنَّهُ المُسْتَقِيمُ، فَمَن سَلَكَ طَرِيقَ الِاسْتِقامَةِ فَهو عَلى الحَنِيفِيَّةِ. وإنَّما قِيلَ لِلْمُعْوَجِّ الرِّجْلِ " أحْنَفُ " تَفاؤُلًا، كَما قِيلَ لِلْمَهْلَكَةِ مَفازَةٌ ولِلَّدِيغِ سَلِيمًا. * * * وقَوْلُهُ: ﴿واتَّخَذَ اللَّهُ إبْراهِيمَ خَلِيلا﴾ فَإنَّهُ قَدْ قِيلَ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: الِاصْطِفاءُ بِالمَحَبَّةِ والِاخْتِصاصُ بِالأسْرارِ دُونَ مَن لَيْسَ لَهُ تِلْكَ المَنزِلَةُ. والثّانِي: أنَّهُ مِنَ الخُلَّةِ، وهي الحاجَةُ، فَخَلِيلُ اللَّهِ المُحْتاجُ إلَيْهِ المُنْقَطِعُ إلَيْهِ بِحَوائِجِهِ؛ فَإذا أُرِيدَ بِهِ الوَجْهُ الأوَّلُ جازَ أنْ يُقالَ إنَّ إبْراهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ واَللَّهُ تَعالى خَلِيلُ إبْراهِيمَ، وإذا أُرِيدَ بِهِ الوَجْهُ الثّانِي لَمْ يَجُزْ أنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِأنَّهُ خَلِيلُ إبْراهِيمَ وجازَ أنْ يُوصَفَ إبْراهِيمُ بِأنَّهُ خَلِيلُ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب