الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَهِنُوا في ابْتِغاءِ القَوْمِ إنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ الآيَةَ هو حَثٌّ عَلى الجِهادِ وأمْرٌ بِهِ ونَهْيٌ عَنِ الضَّعْفِ عَنْ طَلَبِهِمْ ولِقائِهِمْ؛ لِأنَّ الِابْتِغاءَ هو الطَّلَبُ، يُقالُ: بَغَيْتُ وابْتَغَيْتُ إذا طَلَبْتَ، والوَهَنُ ضَعْفُ القَلْبِ والجُبْنُ الَّذِي يَسْتَشْعِرُهُ الإنْسانُ عِنْدَ لِقاءِ العَدُوِّ. واسْتَدْعاهم إلى نَفْيِ ذَلِكَ واسْتِشْعارِ الجُرْأةِ والإقْدامِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإنَّهم يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ﴾ فَأخْبَرَ أنَّهم يُساوُونَكم فِيما يَلْحَقُ مِنَ الألَمِ بِالقِتالِ وأنَّكم تَفْضُلُونَهم فَإنَّكم تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ، فَأنْتُمْ أوْلى بِالإقْدامِ والصَّبْرِ عَلى ألَمِ الجِراحِ مِنهم؛ إذْ لَيْسَ لَهم هَذا الرَّجاءُ وهَذِهِ الفَضِيلَةُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ﴾ قِيلَ: فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: ما وعَدَكُمُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ إذا نَصَرْتُمْ دِينَهُ، والآخَرُ ثَوابُ الآخِرَةِ ونَعِيمُ الجَنَّةِ؛ فَدَواعِي المُسْلِمِينَ عَلى التَّصَبُّرِ عَلى القِتالِ واحْتِمالِ ألَمِ الجِراحِ أكْثَرُ مِن دَواعِي الكُفّارِ. وقِيلَ فِيهِ: ﴿وتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ﴾ تُؤَمِّلُونَ مِن ثَوابِ اللَّهِ ما لا يُؤَمِّلُونَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الحَسَنِ وقَتادَةَ وابْنِ جُرَيْجٍ. وقالَ آخَرُونَ: وتَخافُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَخافُونَ، كَما قالَ تَعالى: ﴿ما لَكم لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقارًا﴾ [نوح: ١٣] يَعْنِي لا تَخافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً. وبَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُ: لا يَكُونُ الرَّجاءُ بِمَعْنى الخَوْفِ إلّا مَعَ النَّفْيِ وذَلِكَ حُكْمٌ لا يُقْبَلُ إلّا بِدَلالَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب