الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما يَخْشى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ﴾ فِيهِ الإبانَةُ عَنْ فَضِيلَةِ العِلْمِ وأنَّ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلى خَشْيَةِ اللَّهِ وتَقْواهُ؛ لِأنَّ (p-٢٤٧)مَن عَرَفَ تَوْحِيدَ اللَّهِ وعَدْلَهُ بِدَلائِلِهِ أوْصَلَهُ ذَلِكَ إلى خَشْيَةِ اللَّهِ وتَقْواهُ؛ إذْ كانَ مَن لا يَعْرِفُ اللَّهَ ولا يَعْرِفُ عَدْلَهُ وما قَصَدَ لَهُ بِخَلْقِهِ لا يَخْشى عِقابَهُ ولا يَتَّقِيهِ؛ وقَوْلُهُ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ﴾ [المجادلة: ١١] وقالَ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولَئِكَ هم خَيْرُ البَرِيَّةِ﴾ [البينة: ٧] إلى قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ لِمَن خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: ٨] فَأخْبَرَ أنَّ خَيْرَ البَرِّيَّةِ مَن خَشِيَ رَبَّهُ، وأخْبَرَ في الآيَةِ أنَّ العُلَماءَ بِاللَّهِ هُمُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَهُ، فَحَصَلَ بِمَجْمُوعِ الآيَتَيْنِ أنَّ أهْلَ العِلْمِ بِاللَّهِ هم خَيْرُ البَرِيَّةِ وإنْ كانُوا عَلى طَبَقاتٍ في ذَلِكَ. ثُمَّ وصَفَ أهْلَ العِلْمِ بِاللَّهِ المَوْصُوفِينَ بِالخَشْيَةِ مِنهُ فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وأقامُوا الصَّلاةَ وأنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهم سِرًّا وعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ فَكانَ ذَلِكَ في صِفَةِ الخاشِعِينَ لِلَّهِ العامِلِينَ بِعِلْمِهِمْ؛ وقَدْ ذَكَرَ في آيَةٍ أُخْرى المُعْرِضَ عَنْ مُوجِبِ عِلْمِهِ فَقالَ: ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنها فَأتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الغاوِينَ﴾ [الأعراف: ١٧٥] ﴿ولَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها ولَكِنَّهُ أخْلَدَ إلى الأرْضِ واتَّبَعَ هَواهُ﴾ [الأعراف: ١٧٦] إلى آخِرِ القِصَّةِ؛ فَهَذِهِ صِفَةُ العالِمِ غَيْرِ العامِلِ، والأوَّلُ صِفَةُ العالِمِ المُتَّقِي لِلَّهِ. وأخْبَرَ عَنِ الأوَّلِينَ بِأنَّهم واثِقُونَ بِوَعْدِ اللَّهِ وثَوابِهِ عَلى أعْمالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب