قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والمُرْجِفُونَ في المَدِينَةِ﴾ الآيَةَ. حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا الحَسَنُ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتادَةَ: ( أنَّ ناسًا مِنَ المُنافِقِينَ أرادُوا أنْ يُظْهِرُوا نِفاقَهم، فَنَزَلَتْ: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ المُنافِقُونَ والَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والمُرْجِفُونَ في المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ أيْ لَنُحَرِّشَنَّكَ ) وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ( لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ: لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لا يُجاوِرْنَكَ فِيها إلّا قَلِيلًا، بِالنَّفْيِ عَنْها ) .
قالَ أبُو بَكْرٍ: في هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ الإرْجافَ بِالمُؤْمِنِينَ والإشاعَةَ بِما يَغُمُّهم ويُؤْذِيهِمْ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ والنَّفْيَ إذا أصَرَّ عَلَيْهِ ولَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ، وكانَ قَوْمٌ مِنَ المُنافِقِينَ وآخَرُونَ مِمَّنْ لا بَصِيرَةَ لَهُ في الدِّينِ وهُمُ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وهو ضَعْفُ اليَقِينِ يُرْجِفُونَ بِاجْتِماعِ الكُفّارِ والمُشْرِكِينَ وتَعاضُدِهِمْ ومَسِيرِهِمْ إلى المُؤْمِنِينَ فَيُعَظِّمُونَ شَأْنَ الكُفّارِ بِذَلِكَ عِنْدَهم ويُخَوِّفُونَهم، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ فِيهِمْ، وأخْبَرَ تَعالى بِاسْتِحْقاقِهِمُ النَّفْيَ والقَتْلَ إذا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأخْبَرَ تَعالى أنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ وهو الطَّرِيقَةُ المَأْمُورُ بِلُزُومِها واتِّباعِها.
وقَوْلُهُ تَعالى: (p-٢٤٦)﴿ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا﴾ [الأحزاب: ٦٢] يَعْنِي واللَّهُ أعْلَمُ أنَّ أحَدًا لا يَقْدِرُ عَلى تَغْيِيرِ سُنَّةِ اللَّهِ وإبْطالِها. آخِرُ سُورَةِ الأحْزابِ.
{"ayah":"۞ لَّىِٕن لَّمۡ یَنتَهِ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ لَنُغۡرِیَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا یُجَاوِرُونَكَ فِیهَاۤ إِلَّا قَلِیلࣰا"}