الباحث القرآني
* بابُ ذِكْرِ حِجابِ النِّساءِ
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أنْ يُؤْذَنَ لَكم إلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ . حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ أبِي الرَّبِيعِ قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ قالَ: أخْبَرَنا مَعْمَرٌ عَنْ أبِي عُثْمانَ واسْمُهُ الجَعْدُ بْنُ دِينارٍ عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ زَيْنَبَ أهْدَتْ إلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا في تَوْرٍ مِن حِجارَةٍ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: اذْهَبْ فادْعُ مَن (p-٢٤٢)لَقِيتَ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَدَعَوْتُ لَهُ مَن لَقِيتُ، فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ فَيَأْكُلُونَ ويَخْرُجُونَ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلى الطَّعامِ فَدَعا فِيهِ وقالَ فِيهِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ، ولَمْ أدَعْ أحَدًا لَقِيتُهُ إلّا دَعَوْتُهُ، فَأكَلُوا حَتّى شَبِعُوا وخَرَجُوا، وبَقِيَ طائِفَةٌ مِنهم فَأطالُوا عَلَيْهِ الحَدِيثَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أنْ يُؤْذَنَ لَكم إلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وقُلُوبِهِنَّ﴾» .
ورَوى بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أنَسٍ، ذَكَرَ حَدِيثَ «بِناءِ النَّبِيِّ ﷺ بِزَيْنَبِ ووَلِيمَتَهُ: فَلَمّا طَعِمَ القَوْمُ، وكانَ مِمّا يَفْعَلُ إذا أصْبَحَ لَيْلَةَ بِنائِهِ دَنا مِن حُجَرِ أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ وسَلَّمْنَ عَلَيْهِ ودَعا لَهُنَّ ودَعَوْنَ لَهُ، فَلَمّا انْصَرَفَ وأنا مَعَهُ إلى بَيْتِهِ بَصُرَ بِرَجُلَيْنِ قَدْ جَرى بَيْنَهُما الحَدِيثُ مِن ناحِيَةِ البَيْتِ، فانْصَرَفَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمّا رَأى الرَّجُلانِ انْصِرافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيْتِهِ وثَبا خارِجَيْنِ، فَأُخْبِرَ أنَّهُما قَدْ خَرَجا، فَرَجَعَ حَتّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَأرْخى السِّتْرَ بَيْنِي وبَيْنَهُ وأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجابِ». ورَوى حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أسْلَمَ العَلَوِيِّ عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ جِئْتُ لِأدْخُلَ كَما كُنْتُ أدْخُلُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وراءَكَ يا أنَسُ» .
قالَ أبُو بَكْرٍ: فانْتَظَمَتِ الآيَةُ أحْكامًا، مِنها النَّهْيُ عَنْ دُخُولِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلّا بِإذْنٍ وأنَّهم إذا أُذِنَ لَهم لا يَقْعُدُونَ انْتِظارًا لِبُلُوغِ الطَّعامِ ونُضْجِهِ، وإذا أكَلُوا لا يَقْعُدُونَ لِلْحَدِيثِ. ورُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ قالَ: ( مُتَحَيِّنِينَ حِينَ نُضْجِهِ ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ بَعْدَ أنْ يَأْكُلُوا ) . وقالَ الضَّحّاكُ: ﴿غَيْرَ ناظِرِينَ إناهُ﴾ قالَ: ( نُضْجَهُ ) .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فاسْألُوهُنَّ مِن وراءِ حِجابٍ﴾ قَدْ تَضَمَّنَ حَظْرَ رُؤْيَةِ أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ وبَيَّنَ بِهِ أنَّ ذَلِكَ أطْهَرُ لِقُلُوبِهِمْ وقُلُوبِهِنَّ؛ لِأنَّ نَظَرَ بَعْضِهِمْ إلى بَعْضٍ رُبَّما حَدَثَ عَنْهُ المَيْلُ والشَّهْوَةُ، فَقَطَعَ اللَّهُ بِالحِجابِ الَّذِي أوْجَبَهُ هَذا السَّبَبُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي بِما بَيَّنَ في هَذِهِ الآيَةِ مِن إيجابِ الِاسْتِئْذانِ وتَرْكِ الإطالَةِ لِلْحَدِيثِ عِنْدَهُ والحِجابِ بَيْنَهم وبَيْنَ نِسائِهِ. وهَذا الحُكْمُ وإنْ نَزَلَ خاصًّا في النَّبِيِّ ﷺ وأزْواجِهِ فالمَعْنى عامٌّ فِيهِ وفي غَيْرِهِ؛ إذْ كُنّا مَأْمُورِينَ بِاتِّباعِهِ والِاقْتِداءِ بِهِ إلّا ما خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ. وقَدْ رَوى مَعْمَرٌ عَنْ قَتادَةَ أنَّ رَجُلًا قالَ: لَوْ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ لَتَزَوَّجْتُ عائِشَةَ؛ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وما كانَ لَكم أنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾
قالَ أبُو بَكْرٍ: ما ذَكَرَهُ قَتادَةُ هو أحَدُ ما انْتَظَمَتْهُ الآيَةُ؛ ورَوى عِيسى بْنُ يُونُسَ عَنْ أبِي إسْحاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهُ قالَ لِامْرَأتِهِ: إنْ سَرَّكِ أنْ تَكُونِي زَوْجَتِي في الجَنَّةِ إنْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنا فِيها فَلا تَزَوَّجِي بَعْدِي فَإنَّ (p-٢٤٣)المَرْأةَ لِآخِرِ أزْواجِها؛ ولِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلى أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ أنْ يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ.
ورَوى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أنَسٍ قالَ: «سَألَتَ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ: المَرْأةُ مِنّا يَكُونُ لَها زَوْجانِ فَتَمُوتُ فَتَدْخُلُ الجَنَّةَ هي وزَوْجُها لِأيِّهِما تَكُونُ ؟ قالَ: يا أُمَّ حَبِيبَةَ لِأحْسَنِهِما خُلُقًا كانَ مَعَها في الدُّنْيا فَتَكُونُ زَوْجَتَهُ في الجَنَّةِ. يا أُمَّ حَبِيبَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ» .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في آبائِهِنَّ ولا أبْنائِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] الآيَةَ. قالَ قَتادَةُ " رَخَّصَ لِهَؤُلاءِ أنْ لا يَجْتَنِبْنَ مِنهم " .
قالَ أبُو بَكْرٍ: ذَكَرَ ذَوِي المَحارِمِ مِنهُنَّ وذَكَرَ نِساءَهُنَّ، والمَعْنى واللَّهُ أعْلَمُ: الحَرائِرُ، ﴿ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] يَعْنِي الإماءَ؛ لِأنَّ العَبْدَ والحُرَّ لا يَخْتَلِفانِ فِيما يُباحُ لَهم مِنَ النَّظَرِ إلى النِّساءِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتَ ٱلنَّبِیِّ إِلَّاۤ أَن یُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَیۡرَ نَـٰظِرِینَ إِنَىٰهُ وَلَـٰكِنۡ إِذَا دُعِیتُمۡ فَٱدۡخُلُوا۟ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُوا۟ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِینَ لِحَدِیثٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ یُؤۡذِی ٱلنَّبِیَّ فَیَسۡتَحۡیِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا یَسۡتَحۡیِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَـٰعࣰا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَاۤءِ حِجَابࣲۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُوا۟ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَن تَنكِحُوۤا۟ أَزۡوَ ٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۤ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











