الباحث القرآني

قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَن آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجًا وأنْتُمْ شُهَداءُ﴾؛ قالَ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ: "نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ؛ كانُوا يُغْرُونَ بَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ؛ بِذِكْرِهِمُ الحُرُوبَ الَّتِي كانَتْ بَيْنَهُمْ؛ حَتّى يَنْسَلِخُوا مِنَ الدِّينِ بِالعَصَبِيَّةِ؛ وحَمِيَّةِ الجاهِلِيَّةِ"؛ وعَنِ الحَسَنِ أنَّها نَزَلَتْ في اليَهُودِ والنَّصارى (p-٣١٣)جَمِيعًا؛ في كِتْمانِهِمْ صِفَتَهُ في كُتُبِهِمْ؛ فَإنْ قِيلَ: قَدْ سَمّى اللَّهُ الكُفّارَ شُهَداءَ؛ ولَيْسُوا حُجَّةً عَلى غَيْرِهِمْ؛ فَلا يَصِحُّ لَكم الِاحْتِجاجُ بِقَوْلِهِ: ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ في صِحَّةِ إجْماعِ الأُمَّةِ؛ وثُبُوتِ حُجَّتِهِ؛ قِيلَ لَهُ: إنَّهُ - جَلَّ وعَلا - لَمْ يَقُلْ في أهْلِ الكِتابِ: "وأنْتُمْ شُهَداءُ عَلى غَيْرِكُمْ"؛ وقالَ هُناكَ: ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ كَما قالَ: ﴿ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكم شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ فَأوْجَبَ ذَلِكَ تَصْدِيقَهُمْ؛ وصِحَّةَ إجْماعِهِمْ؛ وقالَ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وأنْتُمْ شُهَداءُ﴾؛ ومَعْناهُ غَيْرُ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿شُهَداءَ عَلى النّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ وقَدْ قِيلَ في مَعْناهُ وجْهانِ؛ أحَدُهُما: "وأنْتُمْ شُهَداءُ أنَّكم عالِمُونَ بِبُطْلانِ قَوْلِكم في صَدِّكم عَنْ دِينِ اللَّهِ (تَعالى)"؛ وذَلِكَ في أهْلِ الكِتابِ مِنهُمْ؛ والثّانِي أنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: ﴿شُهَداءُ﴾؛ عُقَلاءَ؛ كَما قالَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿أوْ ألْقى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ﴾ [ق: ٣٧]؛ يَعْنِي: "وهُوَ عاقِلٌ"؛ لِأنَّهُ يَشْهَدُ الدَّلِيلَ الَّذِي يُمَيَّزُ بِهِ الحَقُّ مِنَ الباطِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب