الباحث القرآني

وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿قَدْ كانَ لَكم آيَةٌ في فِئَتَيْنِ التَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ اَلْآيَةَ؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ والحَسَنِ أنَّ ذَلِكَ خِطابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وأنَّ المُؤْمِنِينَ هي الفِئَةُ الرّائِيَةُ لِلْمُشْرِكِينَ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ؛ فَرَأوْهم مِثْلَيْ عِدَّتِهِمْ؛ وقَدْ كانُوا ثَلاثَةَ أمْثالِهِمْ؛ لِأنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا نَحْوَ ألْفِ رَجُلٍ؛ والمُسْلِمُونَ ثَلاثَمِائَةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ؛ فَقَلَّلَهُمُ اللَّهُ (تَعالى) في أعْيُنِ المُسْلِمِينَ لِتَقْوِيَةِ قُلُوبِهِمْ؛ وقالَ آخَرُونَ: قَوْلُهُ: ﴿قَدْ كانَ لَكم آيَةٌ﴾؛ مُخاطَبَةٌ لِلْكُفّارِ الَّذِينَ ابْتَدَأ بِذِكْرِهِمْ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ﴾ [آل عمران: ١٢]؛ وقَوْلُهُ: ﴿قَدْ كانَ لَكم آيَةٌ﴾؛ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ؛ وتَمامٌ لَهُ؛ والمَعْنى فِيهِ أنَّ الكافِرِينَ رَأوُا المُؤْمِنِينَ مِثْلَيْهِمْ؛ وأراهُمُ اللَّهُ (تَعالى) كَذَلِكَ؛ في رَأْيِ العَيْنِ؛ لِيُجَنِّبَ قُلُوبَهُمْ؛ ويُرْهِبَهُمْ؛ فَيَكُونَ أقْوى لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ؛ وذَلِكَ أحَدُ أبْوابِ النَّصْرِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ والخِذْلانِ لِلْكافِرِينَ. وفِي هَذِهِ الآيَةِ الدَّلالَةُ مِن وجْهَيْنِ عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أحَدُهُما: غَلَبَةُ الفِئَةِ القَلِيلَةِ العَدَدِ والعُدَّةِ؛ لِلْكَثِيرَةِ العَدَدِ والعُدَّةِ؛ وذَلِكَ عَلى خِلافِ مُجْرى العادَةِ؛ لِما أمَدَّهُمُ اللَّهُ (تَعالى) بِهِ مِنَ المَلائِكَةِ؛ والثّانِي أنَّ اللَّهَ (تَعالى) قَدْ كانَ وعَدَهم إحْدى الطّائِفَتَيْنِ؛ وأخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ المُسْلِمِينَ قَبْلَ اللِّقاءِ بِالظَّفَرِ والغَلَبَةِ؛ وقالَ: " «هَذا مَصْرَعُ فُلانٍ؛ وهَذا مَصْرَعُ فُلانٍ؛ وهَذا مَصْرَعُ فُلانٍ"؛» وكانَ كَما وعَدَ اللَّهُ (تَعالى) وأخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب