الباحث القرآني
بابُ إعْطاءِ المُشْرِكِ مِنَ الصَّدَقَةِ
قالَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهم ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ وما تُنْفِقُوا مَن خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ﴾؛
قالَ أبُو بَكْرٍ: ما تَقَدَّمَ في هَذا الخِطابِ؛ وما جاءَ في نَسَقِهِ؛ يَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ (تَعالى): (p-١٧٩)﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾؛ إنَّما مَعْناهُ في الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّهُ ابْتَدَأ الخِطابَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾؛ ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وما تُنْفِقُوا مِن خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ﴾؛ فَدَلَّ ما تَقَدَّمَ مِنَ الخِطابِ في ذَلِكَ؛ وتَأخَّرَ عَنْهُ؛ مِن ذِكْرِ الصَّدَقَةِ؛ أنَّ المُرادَ إباحَةُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ؛ وإنْ لَمْ يَكُونُوا عَلى دِينِ الإسْلامِ؛ وقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ؛ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أبِي المُغِيرَةِ؛ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «"لا تَصَدَّقُوا إلّا عَلى أهْلِ دِينِكُمْ"؛ فَأنْزَلَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾؛ فَقالَ ﷺ: "تَصَدَّقُوا عَلى أهْلِ الأدْيانِ"؛» ورَوى الحَجّاجُ عَنْ سالِمٍ المَكِّيِّ؛ عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ قالَ: كَرِهَ النّاسُ أنْ يَتَصَدَّقُوا عَلى المُشْرِكِينَ؛ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾؛ فَتَصَدَّقَ النّاسُ عَلَيْهِمْ مِن غَيْرِ الفَرِيضَةِ.
قالَ أبُو بَكْرٍ: لا نَدْرِي هَذا مِن كَلامِ مَن هُوَ؛ أعْنِي قَوْلَهُ: فَتَصَدَّقَ النّاسُ عَلَيْهِمْ مِن غَيْرِ الفَرِيضَةِ؛ وجائِزٌ أنْ يُرِيدَ بِهِ: مِن غَيْرِ الزَّكاةِ؛ وصَدَقاتِ المَواشِي؛ دُونَ كَفّاراتِ الأيْمانِ؛ ونَحْوِها؛ وأيْضًا قَوْلُهُ: "فَتَصَدَّقَ النّاسُ عَلَيْهِمْ؛ مِن غَيْرِ الفَرِيضَةِ"؛ لا يُوجِبُ تَخْصِيصَ الآيَةِ؛ لِأنَّ فِعْلَهم لا يَقْتَضِي الوُجُوبَ؛ ومَعَ ذَلِكَ فَهم مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ؛ وبَيْنَ ألّا يَتَصَدَّقُوا؛ ورَوى الأعْمَشُ؛ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إياسٍ؛ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ ناسٌ لَهم أنْسابٌ؛ وقَرابَةٌ مِن قُرَيْظَةَ؛ والنَّضِيرِ؛ فَكانُوا يَتَّقُونَ أنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ؛ ويُرِيدُونَهم عَلى الإسْلامِ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ﴾؛ إلى آخِرِ الآيَةِ؛ ورَوى هِشامُ بْنُ عُرْوَةَ؛ عَنْ أبِيهِ؛ «عَنْ أُمِّهِ؛ أسْماءَ؛ قالَتْ: أتَتْنِي أُمِّي في عَهْدِ قُرَيْشٍ راغِبَةً؛ وهي مُشْرِكَةٌ؛ فَسَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ: أصِلُها؟ قالَ: "نَعَمْ"».
قالَ أبُو بَكْرٍ: ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ في دَلالَتِها عَلى ما دَلَّتْ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأسِيرًا﴾ [الإنسان: ٨]؛ فَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ قالَ: "هُمُ الأُسَراءُ مِن أهْلِ الشِّرْكِ"؛ ورُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ وعَطاءٍ؛ قالا: "هم أهْلُ القِبْلَةِ؛ وغَيْرُهُمْ"؛
قالَ أبُو بَكْرٍ: الأوَّلُ أظْهَرُ؛ لِأنَّ الأسِيرَ في دارِ الإسْلامِ لا يَكُونُ إلّا مُشْرِكًا؛ ونَظِيرُها أيْضًا قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ ولَمْ يُخْرِجُوكم مِن دِيارِكم أنْ تَبَرُّوهم وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ﴾ [الممتحنة: ٨]؛ إلى آخِرِ القِصَّةِ؛ فَأباحَ بِرَّهُمْ؛ وإنْ كانُوا مُشْرِكِينَ؛ إذا لَمْ يَكُونُوا أهْلَ حَرْبٍ لَنا؛ والصَّدَقاتُ مِنَ البِرِّ؛ فاقْتَضى جَوازَ دَفْعِ الصَّدَقاتِ إلَيْهِمْ؛ وظَواهِرُ هَذِهِ الآيِ تُوجِبُ جَوازَ دَفْعِ سائِرِها إلَيْهِمْ؛ إلّا أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ خَصَّ مِنها الزَّكَواتِ وصَدَقاتِ المَواشِي؛ وكُلَّ ما كانَ أخْذُهُ مِنَ الصَّدَقاتِ إلى الإمامِ؛ بِقَوْلِهِ: «"أُمِرْتُ أنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِكُمْ؛ وأرُدَّها في فُقَرائِكُمْ"؛» وقالَ لِمُعاذٍ: "أعْلِمْهم (p-١٨٠)أنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ حَقًّا في أمْوالِهِمْ؛ يُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ؛ ويُرَدُّ عَلى فُقَرائِهِمْ"؛ فَكانَتِ الصَّدَقاتُ الَّتِي أخْذُها إلى الإمامِ مَخْصُوصَةً مِن هَذِهِ الجُمْلَةِ؛ فَلِذَلِكَ قالَ أبُو حَنِيفَةَ: "كُلُّ صَدَقَةٍ لَيْسَ أخْذُها إلى الإمامِ فَجائِزٌ إعْطاؤُها أهْلَ الذِّمَّةِ؛ وما كانَ أخْذُها إلى الإمامِ لا يُعْطى أهْلَ الذِّمَّةِ"؛ فَيُجِيزُ إعْطاءَ الكَفّاراتِ؛ والنُّذُورِ؛ وصَدَقَةِ الفِطْرِ أهْلَ الذِّمَّةِ.
فَإنْ قِيلَ: فَزَكاةُ المالِ لَيْسَ أخْذُها إلى الإمامِ؛ ولا يَجُوزُ أنْ تُعْطى أهْلَ الذِّمَّةِ؛ قِيلَ: أخْذُها في الأصْلِ إلى الإمامِ؛ وقَدْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْخُذُها؛ وكَذَلِكَ أبُو بَكْرٍ؛ وعُمَرُ؛ فَلَمّا كانَ عُثْمانُ قالَ لِلنّاسِ: إنَّ هَذا شَهْرُ زَكاتِكُمْ؛ فَمَن كانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّهِ؛ ثُمَّ لْيُزَكِّ بِقِيمَةِ مالِهِ؛ فَجَعَلَ أرْبابَ الأمْوالِ وُكَلاءَ لَهُ في أدائِها؛ ولَمْ يُسْقِطْ في ذَلِكَ حَقَّ الإمامِ في أخْذِها؛ وقالَ أبُو يُوسُفَ: كُلُّ صَدَقَةٍ واجِبَةٍ فَغَيْرُ جائِزٍ دَفْعُها إلى الكُفّارِ؛ قِياسًا عَلى الزَّكاةِ.
قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا في الأرْضِ﴾؛ اَلْآيَةَ؛ يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - النَّفَقَةَ المَذْكُورَةَ بَدِيًّا؛ والمُرادُ بِها الصَّدَقَةُ؛ ورُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ؛ والسُّدِّيِّ: اَلْمُرادُ فُقَراءُ المُهاجِرِينَ؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ قِيلَ: إنَّهم مَنَعُوا أنْفُسَهُمُ التَّصَرُّفَ في التِّجارَةِ؛ خَوْفَ العَدُوِّ مِنَ الكُفّارِ؛ ورُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قَتادَةَ؛ لِأنَّ الإحْصارَ مَنعُ النَّفْسِ عَنِ التَّصَرُّفِ؛ لِمَرَضٍ؛ أوْ حاجَةٍ؛ أوْ مَخافَةٍ؛ فَإذا مَنَعَهُ العَدُوُّ قِيلَ: أحَصَرَهُ.
وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾؛ يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - الجاهِلَ بِحالِهِمْ؛ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ ظاهِرَ هَيْئَتِهِمْ؛ وبِذَّتِهِمْ؛ يُشْبِهُ حالَ الأغْنِياءِ؛ ولَوْلا ذَلِكَ لَما ظَنَّهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ؛ لِأنَّ ما يَظْهَرُ مِن دَلالَةِ الفَقْرِ شَيْئانِ؛ أحَدُهُما بَذاذَةُ الهَيْئَةِ؛ ورَثاثَةُ الحالِ؛ والآخَرُ المَسْألَةُ؛ عَلى أنَّهُ فَقِيرٌ؛ فَلَيْسَ يَكادُ يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ إلّا لِما يَظْهَرُ لَهُ مِن حُسْنِ البِذَّةِ؛ الدّالَّةِ عَلى الغِنى في الظّاهِرِ؛ وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ مَن لَهُ ثِيابُ الكِسْوَةِ ذاتُ قِيمَةٍ كَثِيرَةٍ؛ لا تَمْنَعُهُ إعْطاءَ الزَّكاةِ؛ لِأنَّ اللَّهَ (تَعالى) قَدْ أمَرَنا بِإعْطاءِ الزَّكاةِ مَن ظاهِرُ حالِهِ مُشْبِهٌ لِأحْوالِ الأغْنِياءِ؛ ويَدُلُّ عَلى أنَّ الصَّحِيحَ الجِسْمِ جائِزٌ أنْ يُعْطى مِنَ الزَّكاةِ؛ لِأنَّ اللَّهَ (تَعالى) أمَرَ بِإعْطاءِ هَؤُلاءِ القَوْمِ؛ وكانُوا مِنَ المُهاجِرِينَ الَّذِينَ كانُوا يُقاتِلُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ المُشْرِكِينَ؛ ولَمْ يَكُونُوا مَرْضى؛ ولا عُمْيانًا.
وقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿تَعْرِفُهم بِسِيماهُمْ﴾؛ فَإنَّ السِّيما: اَلْعَلامَةُ؛ قالَ مُجاهِدٌ: اَلْمُرادُ بِهِ هُنا: اَلتَّخَشُّعُ؛ وقالَ السُّدِّيُّ؛ والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: هو عَلامَةُ الفَقْرِ؛ وقالَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿سِيماهم في وُجُوهِهِمْ مِن أثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: ٢٩]؛ يَعْنِي: عَلامَتُهُمْ؛ فَجائِزٌ أنْ تَكُونَ العَلامَةُ المَذْكُورَةُ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿تَعْرِفُهم بِسِيماهُمْ﴾؛ ما يَظْهَرُ في وجْهِ الإنْسانِ مِن كُسُوفِ (p-١٨١)البالِ؛ وسُوءِ الحالِ؛ وإنْ كانَتْ بِذَّتُهُمْ؛ وثِيابُهُمْ؛ وظاهِرُ هَيْئَتِهِمْ؛ حَسَنَةً جَمِيلَةً؛ وجائِزٌ أنْ يَكُونَ اللَّهُ (تَعالى) قَدْ جَعَلَ لِنَبِيِّهِ عَلَمًا يَسْتَدِلُّ بِهِ إذا رَآهم عَلَيْهِ؛ عَلى فَقْرِهِمْ؛ وإنْ كُنّا لا نَعْرِفُ ذَلِكَ عَنْهم إلّا بِظُهُورِ المَسْألَةِ مِنهُمْ؛ أوْ بِما يَظْهَرُ مِن بَذاذَةِ هَيْئَتِهِمْ؛ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ لِما يَظْهَرُ مِنَ السِّيما حَظًّا في اعْتِبارِ حالِ مَن يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وقَدِ اعْتَبَرَ أصْحابُنا ذَلِكَ في المَيْتِ في دارِ الإسْلامِ؛ أوْ في دارِ الحَرْبِ؛ إذا لَمْ يُعْرَفْ أمْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ في إسْلامٍ؛ أوْ كُفْرٍ؛ أنَّهُ يُنْظَرُ إلى سِيماهُ؛ فَإنْ كانَتْ عَلَيْهِ سِيما أهْلِ الكُفْرِ؛ مِن شَدِّ زُنّارٍ؛ أوْ عَدَمِ خِتانٍ؛ وتَرْكِ الشَّعْرِ؛ عَلى حَسَبِ ما يَفْعَلُهُ رُهْبانُ النَّصارى؛ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الكُفّارِ؛ ولَمْ يُدْفَنْ في مَقابِرِ المُسْلِمِينَ؛ ولَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ؛ وإنْ كانَ عَلَيْهِ سِيما أهْلِ الإسْلامِ؛ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ المُسْلِمِينَ؛ في الصَّلاةِ؛ والدَّفْنِ؛ وإنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ؛ فَإنْ كانَ في مِصْرٍ مِنَ الأمْصارِ الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَهو مُسْلِمٌ؛ وإنْ كانَ في دارِ الحَرْبِ فَمَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الكُفْرِ؛ فَجَعَلُوا اعْتِبارَ سِيماهُ بِنَفْسِهِ أوْلى مِنهُ بِمَوْضِعِهِ المَوْجُودِ فِيهِ؛ فَإذا عَدِمْنا السِّيما حَكَمْنا لَهُ بِحُكْمِ أهْلِ المَوْضِعِ؛ وكَذَلِكَ اعْتَبَرُوا في اللَّقِيطِ؛ ونَظِيرُهُ أيْضًا قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿إنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وهو مِن الكاذِبِينَ﴾ [يوسف: ٢٦] ﴿وإنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وهو مِن الصّادِقِينَ﴾ [يوسف: ٢٧]؛ فاعْتَبَرَ العَلامَةَ؛ ومِن نَحْوِهِ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿ولَتَعْرِفَنَّهم في لَحْنِ القَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠]؛ وإخْوَةُ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَطَّخُوا قَمِيصَهُ بِدَمٍ؛ وجَعَلُوهُ عَلامَةً لِصِدْقِهِمْ؛ قالَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿وجاءُوا عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ [يوسف: ١٨] .
وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿لا يَسْألُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾؛ يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - إلْحاحًا؛ وإدامَةً لِلْمَسْألَةِ؛ لِأنَّ إلْحافَ المَسْألَةِ هو الِاسْتِقْصاءُ فِيها؛ وإدامَتُها؛ وهَذا يَدُلُّ عَلى كَراهَةِ الإلْحافِ في المَسْألَةِ؛ فَإنْ قِيلَ: فَإنَّما قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لا يَسْألُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾؛ فَنَفى عَنْهُمُ الإلْحافَ في المَسْألَةِ؛ ولَمْ يَنْفِ عَنْهُمُ المَسْألَةَ رَأْسًا؛ قِيلَ لَهُ: في فَحَوى الآيَةِ؛ ومَضْمُونِ المُخاطَبَةِ؛ ما يَدُلُّ عَلى نَفْيِ المَسْألَةِ رَأْسًا؛ وهو قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾؛ فَلَوْ كانُوا أظْهَرُوا المَسْألَةَ؛ وإنْ لَمْ تَكُنْ إلْحافًا؛ لَما حَسِبَهم أحَدٌ أغْنِياءَ؛ وكَذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿مِنَ التَّعَفُّفِ﴾؛ لِأنَّ التَّعَفُّفَ هو القَناعَةُ؛ وتَرْكُ المَسْألَةِ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى وصْفِهِمْ بِتَرْكِ المَسْألَةِ أصْلًا؛ ويَدُلُّ عَلى أنَّ التَّعَفُّفَ هو تَرْكُ المَسْألَةِ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «"مَنِ اسْتَغْنى أغْناهُ اللَّهُ؛ ومَنِ اسْتَعَفَّ أعَفَّهُ اللَّهُ"؛» وإذا ثَبَتَ بِما ذَكَرْنا؛ مِن دَلالَةِ الآيِ؛ أنَّ ثِيابَ الكِسْوَةِ لا تَمْنَعُ أخْذَ الزَّكاةِ؛ وإنْ كانَتْ سِرِّيَّةً؛ وجَبَ أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ المَسْكَنِ؛ والأثاثِ؛ والفَرَسِ؛ والخادِمِ؛ لِعُمُومِ الحاجَةِ إلَيْهِ؛ فَإذا كانَتِ الحاجَةُ إلى هَذِهِ الأشْياءِ حاجَةً ماسَّةً فَهو غَيْرُ غَنِيٍّ بِها؛ لِأنَّ الغِنى هو ما فَضَلَ (p-١٨٢)عَنْ مِقْدارِ الحاجَةِ.
واخْتَلَفَ الفُقَهاءُ في مِقْدارِ ما يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا؛ فَقالَ أبُو حَنِيفَةَ؛ وأبُو يُوسُفَ؛ ومُحَمَّدٌ؛ وزُفَرُ: "إذا فَضَلَ عَنْ مَسْكَنِهِ؛ وكِسْوَتِهِ؛ وأثاثِهِ؛ وخادِمِهِ؛ وفَرَسِهِ؛ ما يُساوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الزَّكاةُ؛ وإنْ كانَ أقَلَّ مِن مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَلَّتْ لَهُ الزَّكاةُ"؛ وقالَ مالِكٌ - في رِوايَةِ ابْنِ القاسِمِ -: "يُعْطى مِنَ الزَّكاةِ مَن لَهُ أرْبَعُونَ دِرْهَمًا"؛ ورَوى غَيْرُهُ عَنْ مالِكٍ أنَّهُ لا يُعْطى مَن لَهُ أرْبَعُونَ دِرْهَمًا؛ وقالَ الثَّوْرِيُّ؛ والحَسَنُ بْنُ صالِحٍ: "لا يَأْخُذُ الزَّكاةَ مَن لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا"؛ وقالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الحَسَنِ: "مَن لا يَكُونُ عِنْدَهُ ما يَقُوتُهُ؛ أوْ يَكْفِيهِ سَنَةً؛ فَإنَّهُ يُعْطى مِنَ الصَّدَقَةِ"؛ وقالَ الشّافِعِيُّ: "يُعْطى الرَّجُلُ عَلى قَدْرِ حاجَتِهِ؛ حَتّى يُخْرِجَهُ ذَلِكَ مِن حَدِّ الفَقْرِ؛ إلى الغِنى؛ كانَ ذَلِكَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكاةُ؛ أوْ لا تَجِبُ؛ ولا أحُدُّ في ذَلِكَ حَدًّا"؛ ذَكَرَهُ المُزَنِيُّ؛ والرَّبِيعُ؛ وحُكِيَ عَنْهُ أنَّها لا تَحِلُّ لِلْقَوِيِّ؛ المُكْتَسِبِ؛ وإنْ كانَ فَقِيرًا.
والدَّلِيلُ عَلى صِحَّةِ ما ذَكَرْنا مِنَ اعْتِبارِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فاضِلًا عَمّا يُحْتاجُ إلَيْهِ؛ ما رَوى عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ؛ عَنْ أبِيهِ؛ عَنْ رَجُلٍ مِن مُزَيْنَةَ؛ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ وهو يَقُولُ: «"مَنِ اسْتَغْنى أغْناهُ اللَّهُ؛ ومَنِ اسْتَعَفَّ أعَفَّهُ اللَّهُ؛ ومَن سَألَ النّاسَ ولَهُ عِدْلُ خَمْسِ أواقٍ سَألَ إلْحافًا"؛» فَدَلَّ ذِكْرُهُ لِهَذا المِقْدارِ أنَّهُ هو الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِن حَدِّ الفَقْرِ إلى الغِنى؛ ويُوجِبُ تَحْرِيمَ المَسْألَةِ؛ ويَدُلُّ عَلَيْهِ أيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «"أُمِرْتُ أنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِكُمْ؛ فَأرُدَّها عَلى فُقَرائِكُمْ"؛ ثُمَّ قالَ: "فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَراهِمَ؛ ولَيْسَ فِيما دُونَها شَيْءٌ"؛» فَجَعَلَ حَدَّ الغِنى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ فَوَجَبَ اعْتِبارُها دُونَ غَيْرِها؛ ودَلَّ أيْضًا عَلى أنَّ الَّذِي لا يَمْلِكُ هَذا القَدْرَ يُعْطى مِنَ الزَّكاةِ؛ لِأنَّهُ ﷺ جَعَلَ النّاسَ صِنْفَيْنِ؛ أغْنِياءَ؛ وفُقَراءَ؛ فَجَعَلَ الغَنِيَّ مَن مَلَكَ هَذا المِقْدارَ؛ وأمَرَ بِأخْذِ الزَّكاةِ مِنهُ؛ وجَعَلَ الفَقِيرَ الَّذِي يُرَدُّ عَلَيْهِ هو الَّذِي لا يَمْلِكُ هَذا القَدْرَ؛ وقَدْ رَوى أبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ؛ عَنْ سَهْلِ بْنِ الحَنْظَلِيَّةِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «"مَن سَألَ النّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإنَّما يَسْتَكْثِرُ مِن جَمْرِ جَهَنَّمَ"؛ قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ ما ظَهْرُ غِناهُ؟ قالَ: "أنْ يَعْلَمَ أنَّ عِنْدَ أهْلِهِ ما يُغَدِّيهِمْ ويُعَشِّيهِمْ"؛» وقَدْ رَوى زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ؛ عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ؛ عَنْ رَجُلٍ مِن بَنِي أسَدٍ قالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ: «"مَن سَألَ مِنكم وعِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ؛ أوْ عَدْلُها؛ فَقَدْ سَألَ إلْحافًا"؛» والأُوقِيَّةُ يَوْمَئِذٍ أرْبَعُونَ دِرْهَمًا؛ ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ؛ عَنْ أبِيهِ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «"لا يَسْألُ عَبْدٌ مَسْألَةً؛ ولَهُ ما يُغْنِيهِ؛ إلّا جاءَتْ شَيْنًا؛ أوْ كُدُوحًا؛ أوْ خُدُوشًا في وجْهِهِ؛ يَوْمَ القِيامَةِ"؛ قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ وما غِناهُ؟ قالَ: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا؛ أوْ حِسابُها مِنَ الذَّهَبِ"؛» وهَذِهِ وارِدَةٌ في (p-١٨٣)كَراهَةِ المَسْألَةِ؛ ولا دَلالَةَ فِيها عَلى تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ؛ وقَدْ كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَحِبُّ تَرْكَ المَسْألَةِ لِمَن يَمْلِكُ ما يُغَدِّيهِ ويُعَشِّيهِ؛ إذْ قَدْ كانَ هُناكَ مِن فُقَراءِ المُسْلِمِينَ؛ وأهْلِ الصُّفَّةِ؛ مَن لا يَقْدِرُ عَلى غَداءٍ؛ ولا عَشاءٍ؛ فاخْتارَ النَّبِيُّ ﷺ لِمَن يَمْلِكُ هَذا القَدْرَ الِاقْتِصارَ عَلى ما يَمْلِكُهُ؛ والتَّعَفُّفَ بِتَرْكِ المَسْألَةِ؛ لِيَصِلَ ذَلِكَ إلى مَن هو أحْوَجُ مِنهُ إلَيْهِ؛ لا عَلى وجْهِ التَّحْرِيمِ؛ ولَمّا اتَّفَقَ الجَمِيعُ عَلى أنَّ سَبِيلَ اسْتِباحَةِ الصَّدَقَةِ لَيْسَتْ سَبِيلَ الضَّرُورَةِ إلى المَيْتَةِ؛ إذْ كانَتِ المَيْتَةُ لا تَحِلُّ إلّا عِنْدَ الخَوْفِ عَلى النَّفْسِ؛ والصَّدَقَةُ تَحِلُّ بِإجْماعِ المُسْلِمِينَ لِمَنِ احْتاجَ؛ ولَمْ يَخَفِ المَوْتَ؛ إذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ؛ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ المُبِيحُ لَها الفَقْرَ.
وأيْضًا لَمّا كانَتْ هَذِهِ الأخْبارُ مُخْتَلَفًا في اسْتِعْمالِ حُكْمِها؛ وهي في أنْفُسِها مُخْتَلِفَةٌ؛ واتَّفَقَ الجَمِيعُ عَلى اسْتِعْمالِ الخَبَرِ الَّذِي رَوَيْنا: "فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ"؛ وتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ مَعَها؛ وجَبَ أنْ يَكُونَ ثابِتَ الحُكْمِ؛ وما عَداهُ إمّا أنْ يَكُونَ عَلى وجْهِ الكَراهَةِ لِلْمَسْألَةِ؛ أوْ مَنسُوخَةً بِخَبَرِنا إنْ كانَ المُرادُ بِها تَحْرِيمَ الصَّدَقَةِ.
{"ayahs_start":272,"ayahs":["۞ لَّیۡسَ عَلَیۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ","لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ ضَرۡبࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِیمَـٰهُمۡ لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمٌ"],"ayah":"لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ ضَرۡبࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِیمَـٰهُمۡ لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق