الباحث القرآني
* بابٌ مِيراثُ الجَدِّ
قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ إذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إلَهَكَ وإلَهَ آبائِكَ إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ إلَهًا واحِدًا﴾ فَسَمّى الجَدَّ والعَمَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما أبًا، وقالَ تَعالى حاكِيًا عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ﴾ [يوسف: ٣٨] وقَدِ احْتَجَّ ابْنُ عَبّاسٍ بِذَلِكَ في تَوْرِيثِ الجَدِّ دُونَ الإخْوَةِ.
ورَوى الحَجّاجُ عَنْ عَطاءٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: " مَن شاءَ لاعَنْتُهُ عِنْدَ الحَجَرِ الأسْوَدِ أنَّ الجَدَّ أبٌ واللَّهِ ما ذَكَرَ اللَّهُ جَدًّا ولا جَدَّةً إلّا أنَّهُمُ الآباءُ ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ﴾ [يوسف: ٣٨]
(p-١٠١)واحْتِجاجُ ابْنِ عَبّاسٍ في تَوْرِيثِ الجَدِّ دُونَ الإخْوَةِ وإنْزالِهِ مَنزِلَةَ الأبِ في المِيراثِ عِنْدَ فَقْدِهِ يَقْتَضِي جَوازَ الِاحْتِجاجِ بِظاهِرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ووَرِثَهُ أبَواهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١] في اسْتِحْقاقِهِ الثُّلُثَيْنِ دُونَ الإخْوَةِ كَما يَسْتَحِقُّ الأبُ دُونَهم إذا كانَ باقِيًا؛ ودَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ إطْلاقَ اسْمِ الأبِ يَتَناوَلُ الجَدَّ، فاقْتَضى ذَلِكَ أنْ لا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ وحُكْمُ الأبِ في المِيراثِ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ أبٌ؛ وهو مَذْهَبُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ في آخَرِينَ مِنَ الصَّحابَةِ، قالَ عُثْمانُ: قَضى أبُو بَكْرٍ أنَّ الجَدَّ أبٌ، وأطْلَقَ اسْمَ الأُبُوَّةِ عَلَيْهِ. وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ.
وقالَ أبُو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ ومالِكٌ والشّافِعِيُّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ في الجَدِّ أنَّهُ بِمَنزِلَةِ الإخْوَةِ ما لَمْ تَنْقُصْهُ المُقاسَمَةُ مِنَ الثُّلُثِ فَيُعْطى الثُّلُثَ ولَمْ يُنْقَصْ مِنهُ شَيْئًا. وقالَ ابْنُ أبِي لَيْلى بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ في الجَدِّ أنَّهُ بِمَنزِلَةِ أحَدِ الإخْوَةِ ما لَمْ تَنْقُصْهُ المُقاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ، فَيُعْطى السُّدُسَ ولَمْ يُنْقَصْ مِنهُ شَيْئًا، وقَدْ ذَكَرْنا اخْتِلافَ الصَّحابَةِ فِيهِ في شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحاوِيِّ، والحِجاجَ لِلْفَرْقِ المُخْتَلِفِينَ فِيهِ إلّا أنَّ الحِجاجَ بِالآيَةِ فِيهِ مِن وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: ظاهِرُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعالى إيّاهُ أبًا، والثّانِي: احْتِجاجُ ابْنِ عَبّاسٍ بِذَلِكَ وإطْلاقُهُ أنَّ الجَدَّ أبٌ، وكَذَلِكَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؛ لِأنَّهُما مِن أهْلِ اللِّسانِ لا يَخْفى عَلَيْهِما حُكْمُ الأسْماءِ مِن طَرِيقِ اللُّغَةِ؛ وإنْ كانا أطْلَقاهُ مِن جِهَةِ الشَّرْعِ فَحُجَّتُهُ ثابِتَةٌ؛ إذْ كانَتْ أسْماءُ الشَّرْعِ طَرِيقُها التَّوْقِيفُ، ومَن يَدْفَعُ الِاحْتِجاجَ بِهَذا الظّاهِرِ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعالى قَدْ سَمّى العَمَّ أبًا في الآيَةِ لِذِكْرِهِ إسْماعِيلَ فِيها وهو عَمُّهُ ولا يَقُومُ مَقامَ الأبِ، وقَدْ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «رُدُّوا عَلَيَّ أبِي» يَعْنِي العَبّاسَ وهو عَمُّهُ
قالَ أبُو بَكْرٍ: ويُعْتَرَضُ عَلَيْهِ مِن جِهَةِ أنَّ الجَدَّ إنَّما سُمِّيَ أبًا عَلى وجْهِ المَجازِ لِجَوازِ انْتِفاءِ اسْمِ الأبِ عَنْهُ؛ لِأنَّكَ لَوْ قُلْتَ لِلْجَدِّ إنَّهُ لَيْسَ بِأبٍ لَكانَ ذَلِكَ نَفْيًا صَحِيحًا، وأسْماءُ الحَقائِقِ لا تَنْتَفِي عَنْ مُسَمَّياتِها بِحالٍ.
ومِن جِهَةٍ أُخْرى أنَّ الجَدَّ إنَّما سُمِّيَ أبًا بِتَقْيِيدٍ، والإطْلاقُ لا يَتَناوَلُهُ، فَلا يَصِحُّ الِاحْتِجاجُ فِيهِ بِعُمُومِ لَفْظِ الأبَوَيْنِ في الآيَةِ، ومِن جِهَةٍ أُخْرى أنَّ الأبَ الأدْنى في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ووَرِثَهُ أبَواهُ﴾ [النساء: ١١] مُرادٌ بِالآيَةِ فَلا جائِزَ أنْ يُرادَ بِهِ الجَدُّ؛ لِأنَّهُ مَجازٌ ولا يَتَناوَلُ الإطْلاقُ لِلْحَقِيقَةِ والمَجازِ في لَفْظٍ واحِدٍ.
قالَ أبُو بَكْرٍ: فَأمّا دَفْعُ الِاحْتِجاجِ بِعُمُومِ لَفْظِ الأبِ في إثْباتِ الجَدِّ أبًا مِن حَيْثُ سُمِّيَ العَمُّ أبًا في الآيَةِ مَعَ اتِّفاقِ الجَمِيعِ عَلى أنَّهُ لا يَقُومُ مَقامَ الأبِ بِحالٍ، فَإنَّهُ مِمّا لا يُعْتَمَدُ؛ لِأنَّ إطْلاقَ اسْمِ الأبِ إنْ كانَ يَتَناوَلُ الجَدَّ والعَمَّ في اللُّغَةِ والشَّرْعِ فَجائِزٌ اعْتِبارُ عُمُومِهِ في سائِرِ ما أُطْلِقَ فِيهِ، فَإنْ خُصَّ العَمُّ بِحُكْمٍ (p-١٠٢)دُونَ الجَدِّ لا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَقاءَ حُكْمِ العُمُومِ في الجَدِّ ويَخْتَلِفانِ أيْضًا في المَعْنى مِن قِبَلِ أنَّ الأبَ إنَّما سُمِّيَ بِهَذا الِاسْمِ؛ لِأنَّ الِابْنَ مَنسُوبٌ إلَيْهِ بِالوِلادَةِ، وهَذا المَعْنى مَوْجُودٌ في الجَدِّ، وإنْ كانا يَخْتَلِفانِ مِن جِهَةٍ أُخْرى أنَّ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجَدِّ واسِطَةٌ وهو الأبُ، ولا واسِطَةَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الأبِ؛ والعَمُّ لَيْسَتْ لَهُ هَذِهِ المَنزِلَةُ؛ إذْ لا نِسْبَةَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ مِن طَرِيقِ الوِلادِ.
ألا تَرى أنَّ الجَدَّ وإنْ بَعُدَ في المَعْنى بِمَعْنى مَن قَرُبَ في إطْلاقِ الِاسْمِ وفي الحُكْمِ جَمِيعًا؛ إذْ لَمْ يَكُنْ مَن هو أقْرَبُ مِنهُ، فَكانَ لِلْجَدِّ هَذا الضَّرْبُ مِنَ الِاخْتِصاصِ، فَجائِزٌ أنْ يَتَناوَلَهُ إطْلاقُ اسْمِ الأبِ، ولَمّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَمِّ هَذِهِ المَزِيَّةُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ مُطْلَقًا، ولا يُعْقَلُ مِنهُ أيْضًا إلّا بِتَقْيِيدٍ، والجَدُّ مُساوٍ لِلْأبِ في مَعْنى الوِلادِ فَجائِزٌ أنْ يَتَناوَلَهُ اسْمُ الأبِ وأنْ يَكُونَ حُكْمُهُ عِنْدَ فَقْدِهِ حُكْمَهُ، وأمّا مَن دَفَعَ ذَلِكَ مِن جِهَةِ أنَّ تَسْمِيَةَ الجَدِّ بِاسْمِ الأبِ مَجازٌ، وأنَّ الأبَ الأدْنى مُرادٌ بِالآيَةِ، فَغَيْرُ جائِزٍ إرادَةُ الجَدِّ بِهِ لِانْتِفاءِ أنْ يَكُونَ اسْمٌ واحِدٌ مَجازًا حَقِيقَةً؛ فَغَيْرُ واجِبٍ مِن قِبَلِ أنَّهُ جائِزٌ أنْ يُقالَ إنَّ المَعْنى الَّذِي مِن أجْلِهِ سُمِّيَ الأبُ بِهَذا الِاسْمِ وهو النِّسْبَةُ إلَيْهِ مِن طَرِيقِ الوِلادِ مَوْجُودٌ في الجَدِّ.
ولَمْ يَخْتَلِفِ المَعْنى الَّذِي مِن أجْلِهِ قَدْ سُمِّيَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما، فَجازَ إطْلاقُ الِاسْمِ عَلَيْهِما وإنْ كانَ أحَدُهُما أخَصَّ بِهِ مِنَ الآخَرِ كالإخْوَةِ يَتَناوَلُ جَمِيعَهم هَذا الِاسْمُ لِأبٍ كانُوا أوْ لِأبٍ وأُمٍّ، ويَكُونُ الَّذِي لِلْأبِ والأُمِّ أوْلى بِالمِيراثِ وسائِرِ أحْكامِ الأُخُوَّةِ مِنَ الَّذِينَ لِلْأبِ والِاسْمُ فِيهِما جَمِيعًا حَقِيقَةٌ ولَيْسَ يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ الِاسْمُ حَقِيقَةً في مَعْنَيَيْنِ وإنْ كانَ الإطْلاقُ إنَّما يَتَناوَلُ أحَدَهُما دُونَ الآخَرِ، ألا تَرى أنَّ اسْمَ النَّجْمِ يَقَعُ عَلى كُلِّ واحِدٍ مِن نُجُومِ السَّماءِ حَقِيقَةً، والإطْلاقُ عِنْدَ العَرَبِ يَتَناوَلَ النَّجْمَ الَّذِي هو الثُّرَيّا ؟
يَقُولُ القائِلُ مِنهم: فَعَلْتُ كَذا وكَذا والنَّجْمُ عَلى قِمَّةِ الرَّأْسِ؛ يَعْنِي الثُّرَيّا ولا تَعْقِلُ العَرَبُ بِقَوْلِها " طَلَعَ النَّجْمُ " عِنْدَ الإطْلاقِ غَيْرَ الثُّرَيّا؛ وقَدْ سَمَّوْا هَذا الِاسْمَ لِسائِرِ نُجُومِ السَّماءِ عَلى الحَقِيقَةِ، فَكَذَلِكَ اسْمُ الأبِ لا يَمْتَنِعُ عِنْدَ المُحْتَجِّ بِما وصَفْنا أنْ يَتَناوَلَ الأبَ والجَدَّ عَلى الحَقِيقَةِ وإنِ اخْتُصَّ الأبُ بِهِ في بَعْضِ الأحْوالِ، ولا يَكُونُ في اسْتِعْمالِ اسْمِ الأبِ في الأبِ الأدْنى والجَدِّ إيجابُ كَوْنِ لَفْظَةٍ واحِدَةٍ حَقِيقَةً مَجازًا.
فَإنْ قِيلَ: لَوْ كانَ اسْمُ الأبِ مُخْتَصًّا بِالنِّسْبَةِ مِن طَرِيقِ الوِلادِ لَلَحِقَ الأُمَّ هَذا الِاسْمُ لِوُجُودِ الوِلادِ فِيها، فَكانَ الواجِبُ أنْ تُسَمّى الأُمُّ أبًا، وكانَتِ الأُمُّ أُولى بِذَلِكَ مِنَ الأبِ والجَدِّ لِوُجُودِ الوِلادَةِ حَقِيقَةً مِنها قِيلَ لَهُ: لا يَجِبُ ذَلِكَ؛ لِأنَّهم قَدْ خَصُّوا الأُمُّ بِاسْمٍ دُونَهُ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَها وبَيْنَهُ وإنْ كانَ (p-١٠٣)الوَلَدُ مَنسُوبًا إلى كُلِّ واحِدٍ مِنهُما بِالوِلادِ، وقَدْ سَمّى اللَّهُ تَعالى الأُمَّ أبًا حِينَ جَمَعَها مَعَ الأبِ فَقالَ تَعالى: ﴿ولأبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١] ومِمّا يَحْتَجُّ لِأبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ولِلْقائِلِينَ بِقَوْلِهِ إنَّ الجَدَّ يَجْتَمِعُ لَهُ الِاسْتِحْقاقُ بِالنِّسْبَةِ والتَّعْصِيبِ مَعًا.
ألا تَرى أنَّهُ لَوْ تَرَكا بِنْتًا وجَدًّا كانَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ولِلْجَدِّ السُّدُسُ وما بَقِيَ بِالنِّسْبَةِ والتَّعْصِيبِ، كَما لَوْ تَرَكَ بِنْتًا وأبًا يَسْتَحِقُّ بِالنِّسْبَةِ والتَّعْصِيبِ مَعًا في حالٍ واحِدَةٍ ؟ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ بِمَنزِلَتِهِ في اسْتِحْقاقِ المِيراثِ دُونَ الإخْوَةِ والأخَواتِ ووَجْهٌ آخَرُ: وهو أنَّ الجَدَّ يَسْتَحِقُّ بِالتَّعْصِيبِ مِن طَرِيقِ الوِلادِ، فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ بِمَنزِلَةِ الأبِ في نَفْيِ مُشارَكَةِ الإخْوَةِ، إذْ كانَتِ الإخْوَةُ إنَّما تَسْتَحِقُّهُ بِالتَّعْصِيبِ مُنْفَرِدًا عَنِ الوِلادَةِ، ووَجْهٌ آخَرُ في نَفْيِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ الإخْوَةِ عَلى وجْهِ المُقاسَمَةِ، وهو أنَّ الجَدَّ يَسْتَحِقُّ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ كَما يَسْتَحِقُّهُ الأبُ مَعَهُ، فَلَمّا لَمْ يَسْتَحِقَّ الإخْوَةُ مَعَ الأبِ بِهَذِهِ العِلَّةِ وجَبَ أنْ لا يَجِبَ لَهم ذَلِكَ مَعَ الجَدَّ.
فَإنْ قِيلَ: الأُمُّ تَسْتَحِقُّ السُّدُسَ مَعَ الِابْنِ ولَمْ يَنْتِفْ بِذَلِكَ تَوْرِيثُ الإخْوَةِ مَعَها قِيلَ لَهُ: إنَّما نُصِّفَ بِهَذِهِ العِلَّةِ لِنَفْيِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ الإخْوَةِ عَلى وجْهِ المُقاسَمَةِ، وإذا انْتَفَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهم وبَيْنَهُ في المُقاسَمَةِ إذا انْفَرَدُوا مَعَهُ سَقَطَ المِيراثُ؛ لِأنَّ كُلَّ مَن ورِثَهم مَعَهُ يُوجِبُ القِسْمَةَ بَيْنَهُ وبَيْنَهم إذا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهم عَلى اعْتِبارٍ مِنهم في الثُّلُثِ أوِ السُّدُسِ، وأمّا الأُمُّ فَلا تَقَعُ بَيْنَها وبَيْنَ الإخْوَةِ مُقاسَمَةٌ بِحالٍ، ونَفْيُ القِسْمَةِ لا يَنْفِي مِيراثَهم، ونَفْيُ مُقاسَمَةِ الإخْوَةِ لِلْجَدِّ إذا انْفَرَدُوا يُوجِبُ إسْقاطَ مِيراثِهِمْ مَعَهُ؛ إذْ كانَ مَن يُوَرِّثُهم مَعَهُ إنَّما يُوَرِّثُهم بِالمُقاسَمَةِ وإيجابِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهم وبَيْنَهُ.
فَلَمّا سَقَطَتِ المُقاسَمَةُ بِما وصَفْنا سَقَطَ مِيراثُهم مَعَهُ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلّا قَوْلانِ: قَوْلُ مَن يُسْقِطُ مَعَهُ مِيراثَهم رَأْسًا، وقَوْلُ مَن يُوجِبُ المُقاسَمَةَ، فَلَمّا بَطَلَتِ المُقاسَمَةُ بِما وصَفْنا ثَبَتَ سُقُوطُ مِيراثِهِمْ مَعَهُ، فَإنْ قالَ قائِلٌ: إنَّ الجَدُّ يُدْلِي بِابْنِهِ وهو أبُو المَيِّتِ، والأخُ يُدْلِي بِأبِيهِ، فَوَجَبَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُما كَمَن تَرَكَ أباهُ وابْنَهُ قِيلَ لَهُ: هَذا غَلَطٌ مِن وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ لَوْ صَحَّ هَذا الِاعْتِبارُ لَما وجَبَتِ المُقاسَمَةُ بَيْنَ الجَدِّ والأخِ، بَلْ كانَ الواجِبُ أنْ يَكُونَ لِلْجَدِّ السُّدُسُ ولِلْأخِ ما بَقِيَ، كَمَن تَرَكَ أبًا وابْنًا، لِلْأبِ السُّدُسُ والباقِي لِلِابْنِ.
والوَجْهُ الآخَرُ: أنَّهُ يُوجِبُ أنْ يَكُونَ المَيِّتُ إذا تَرَكَ جَدَّ أبٍ وعَمًّا أنْ يُقاسِمَهُ العَمُّ؛ لِأنَّ جَدَّ الأبِ يُدْلِي بِالجَدِّ الأدْنى، والعَمُّ أيْضًا يُدْلِي بِهِ؛ لِأنَّهُ ابْنُهُ، فَلَمّا اتَّفَقَ الجَمِيعُ عَلى سُقُوطِ مِيراثِ العَمِّ مَعَ جَدِّ الأبِ مَعَ وُجُودِ العِلَّةِ الَّتِي وُصِفَتْ دَلَّ عَلى انْتِقاضِها وفَسادِها ويَلْزَمُهُ أيْضًا عَلى هَذا الِاعْتِلالِ أنَّ ابْنَ (p-١٠٤)الأخِ يُشارِكُ الجَدَّ في المِيراثِ؛ لِأنَّهُ يَقُولُ: أنا ابْنُ ابْنِ الأبِ، والجَدُّ أبُ الأبِ، ولَوْ تَرَكَ أبًا وابْنَ ابْنٍ كانَ لِلْأبِ السُّدُسُ وما بَقِيَ لِابْنِ الِابْنِ.
{"ayah":"أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَاۤءَ إِذۡ حَضَرَ یَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِیۖ قَالُوا۟ نَعۡبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ ءَابَاۤىِٕكَ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ إِلَـٰهࣰا وَ ٰحِدࣰا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق