الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي﴾ رُوِيَ عَنْ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ وأبِي صالِحٍ والسُّدِّيِّ: أنَّ المَوالِيَ العَصَبَةُ وهم بَنُو أعْمامِهِ، خافَهم عَلى الدِّينِ؛ لِأنَّهم كانُوا شِرارَ بَنِي إسْرائِيلَ. * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا﴾ ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ سَألَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أنْ يَرْزُقَهُ ولَدًا ذَكَرًا يَلِي أُمُورَ الدِّينِ والقِيامَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِخَوْفِهِ مِن بَنِي أعْمامِهِ عَلى تَبْدِيلِ دِينِهِ بَعْدَ وفاتِهِ. ورُوِيَ عَنْ قَتادَةَ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ﴾ قالَ: " نُبُوَّتَهُ وعِلْمَهُ " . ورَوى خُصَيْفٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: " كانَ عَقِيمًا لا يُولَدُ لَهُ ولَدٌ فَسَألَ رَبَّهُ الوَلَدَ فَقالَ يَرِثُنِي ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ النُّبُوَّةَ "، وعَنْ أبِي صالِحٍ مِثْلُهُ. فَذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّهُ يَرِثُ المالَ ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ النُّبُوَّةَ فَقَدْ أجازَ إطْلاقَ اسْمِ المِيراثِ عَلى النُّبُوَّةِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أنْ يَعْنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَرِثُنِي﴾ يَرِثُ عِلْمِي. وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «العُلَماءُ ورَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا ولا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا العِلْمَ»، وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «كُونُوا عَلى مَشاعِرِكم يَعْنِي بِعَرَفاتٍ فَإنَّكم عَلى إرْثٍ مِن إرْثِ إبْراهِيمَ» . ورَوى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ أنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ» . ورَوى الزُّهْرِيُّ عَنْ مالِكِ بْنِ أوْسِ بْنِ الحَدَثانِ قالَ: «سَمِعْتُ عُمَرَ يَنْشُدُ نَفَرًا مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهِمْ عُثْمانُ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ والزُّبَيْرُ وطَلْحَةُ: أنْشُدُكم بِاللَّهِ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَواتُ والأرْضُ أتَعْلَمُونَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: لا نُورَثُ ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ ؟ قالُوا: نَعَمْ» فَقَدْ ثَبَتَ بِرِوايَةِ هَذِهِ الجَماعَةِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ الأنْبِياءَ لا يُوَرِّثُونَ المالَ، ويَدُلُّ عَلى أنَّ زَكَرِيّا لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: " يَرِثُنِي " المالَ أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ لا يَجُوزُ أنْ يَأْسَفَ عَلى مَصِيرِ مالِهِ بَعْدِ مَوْتِهِ إلى مُسْتَحِقِّهِ، وأنَّهُ إنَّما خافَ أنْ يَسْتَوْلِيَ بَنُو أعْمامِهِ عَلى عُلُومِهِ وكِتابِهِ فَيُحَرِّفُونَها ويَسْتَأْكِلُونَ بِها فَيُفْسِدُونَ دِينَهُ ويَصُدُّونَ النّاسَ عَنْهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب