الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَتْ يا ويْلَتى أألِدُ وأنا عَجُوزٌ وهَذا بَعْلِي شَيْخًا إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فَإنَّها مَعَ عِلْمِها بِأنَّ ذَلِكَ في مَقْدُورِ اللَّهِ تَعْجَبُ بِطَبْعِ البَشَرِيَّةِ قَبْلَ الفِكْرِ والرَّوِيَّةِ، كَما ولّى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مُدْبِرًا حِينَ صارَتْ عَصاهُ حَيَّةً حَتّى قِيلَ لَهُ: ﴿أقْبِلْ ولا تَخَفْ إنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ﴾ [القصص: ٣١] وإنَّما تَعَجَّبَتْ؛ لِأنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ يُقالُ: إنَّهُ كانَ لَهُ في ذَلِكَ الوَقْتِ مِائَةٌ وعِشْرُونَ سَنَةً ولِسارَةَ تِسْعُونَ سَنَةً. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أتَعْجَبِينَ مِن أمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكم أهْلَ البَيْتِ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ أزْواجَ النَّبِيِّ ﷺ مِن أهْلِ بَيْتِهِ؛ لِأنَّ المَلائِكَةَ قَدْ سَمَّتِ امْرَأةَ إبْراهِيمَ مِن أهْلِ بَيْتِهِ، وكَذَلِكَ قالَ اللَّهُ تَعالى في مُخاطَبَةِ أزْواجِ النَّبِيِّ ﷺ في قَوْلِهِ: (p-٣٧٩)﴿ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صالِحًا﴾ [الأحزاب: ٣١] إلى قَوْلِهِ: ﴿وأطِعْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ﴾ [الأحزاب: ٣٣] قَدْ دَخَلَ فِيهِ أزْواجُ النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأنَّ ابْتِداءَ الخِطابِ لَهُنَّ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا ذَهَبَ عَنْ إبْراهِيمَ الرَّوْعُ وجاءَتْهُ البُشْرى يُجادِلُنا في قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٤] يَعْنِي: لَمّا ذَهَبَ عَنْهُ الفَزَعُ جادَلَ المَلائِكَةَ حَتّى قالُوا: إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمِ لُوطٍ لِنُهْلِكَهم، فَقالَ: إنَّ فِيها لُوطًا قالُوا: نَحْنُ أعْلَمُ بِمَن فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وأهْلَهُ يُرْوى ذَلِكَ عَنِ الحَسَنِ وقِيلَ: إنَّهُ سَألَهم فَقالَ: أتُهْلِكُونَهم إنْ كانَ فِيها خَمْسُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ ؟ قالُوا: لا، ثُمَّ نَزَّلَهم إلى عَشَرَةٍ، فَقالُوا: لا، يُرْوى ذَلِكَ عَنْ قَتادَةَ. ويُقالُ: جادَلَهم لِيَعْلَمَ بِأيِّ شَيْءٍ اسْتَحَقُّوا عَذابَ الِاسْتِئْصالِ وهَلْ ذَلِكَ واقِعٌ بِهِمْ لا مَحالَةَ أمْ عَلى سَبِيلِ الإخافَةِ لِيُقْبِلُوا إلى الطّاعَةِ. ومِنَ النّاسِ مَن يَحْتَجُّ بِذَلِكَ في جَوازِ تَأْخِيرِ البَيانِ؛ لِأنَّ المَلائِكَةَ أخْبَرَتْ أنَّها تُهْلِكُ قَوْمَ لُوطٍ ولَمْ تُبَيِّنِ المُنْجَيْنَ مِنهم، ومَعَ ذَلِكَ، فَإنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ جادَلَهم وقالَ لَهم: أتُهْلِكُونَهم وفِيهِمْ كَذا رَجُلًا فَيَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلى جَوازِ تَأْخِيرِ البَيانِ، وهَذا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأنَّ إبْراهِيمَ سَألَهم عَنِ الوَجْهِ الَّذِي بِهِ اسْتَحَقُّوا عَذابَ الِاسْتِئْصالِ وهَلْ ذَلِكَ واقِعٌ بِهِمْ لا مَحالَةَ، أوْ عَلى سَبِيلِ التَّخْوِيفِ لِيَرْجِعُوا إلى الطّاعَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب