وقوله تعالى: {بُنْيَانُهُمُ} : يحتمل أن يكونَ مصدراً على حاله، أي: لا يزال هذا الفعل الصادر منهم. ويحتمل أن يكونَ مراداً به المبني، وحينئذٍ يُضْطَرُّ إلى حذف مضاف، أي: بناء بنيانهم لأن المبنيَّ ليس ريبةً، ويُقَدَّر الحذف من الثاني، أي: لا يزال مبنيُّهم سببَ ريبة. وقوله: «الذي بَنَوا» تأكيدٌ دَفْعاً لوَهْم مَنْ يتوهَّم أنهم لم يَبْنُوا حقيقة وإنما دَبَّروا أموراً، مِنْ قولهم: «كم أبني وتهدمُ» ، وعليه قوله:
2546 - متى يبلغُ البُنيانُ يوماً تمامَه ... إذا كنت تَبْنِيه وغيرك يَهْدِم
قوله: {إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ} المستثنى منه محذوفٌ والتقدير: لا يزال بنيانُهم ريبةً في كل وقت إلا وقتَ تقطيعِ قلوبهم، أو في كل حال إلا حالَ تقطيعها. وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص «تَقَطَّع» بفتح التاء، والأصل: تتقطع بتاءَيْن فحُذفت إحداهما. وقرأ الباقون «تُقَطَّع» بضمِّها، وهو مبني للمفعول مضارع قَطَّع بالتشديد. وقرأ أُبَيّ «تَقْطَع» مخففاً مِنْ قطع. وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة ويعقوب «إلى أن» بإلى الجارة وأبو حَيْوة كذلك. وهي قراءةٌ واضحةٌ في المعنى، إلا أن أبا حيوة قرأ «تُقَطِّع» بضم التاء وفتح القاف وكسر الطاء مشددةً، والفاعلُ ضميرُ الرسول. «قلوبَهم» نصباً على المفعول، والمعنى بذلك أن يقتلهم ويتمكَّن منهم كلَّ تمكُّن. وقيل: الفاعلُ ضمير الرِّيبة، أي: إلى أن تَقْطَع الرِّيبةُ قلوبَهم. وفي مصحف عبد الله «ولو قُطِّعَتْ» وبها قرأ أصحابُه، وهي مخالفةٌ لسوادِ مصاحف الناس.
{"ayah":"لَا یَزَالُ بُنۡیَـٰنُهُمُ ٱلَّذِی بَنَوۡا۟ رِیبَةࣰ فِی قُلُوبِهِمۡ إِلَّاۤ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ"}