قوله تعالى: {إِلاَّ امرأته} : استثناء من أهله المُنْجَيْن. وقوله: {كَانَتْ مِنَ الغابرين} جوابُ سؤالٍ مقدر. وهذا كما تقدم في البقرة وفي أول هذه السورة في قصة إبليس.
والغابر: المُقيم. هذا هو مشهورُ اللغة، وأنشدوا قول أبي ذؤيب الهذلي:
2239 - فَغَبَرْتُ بعدهمُ بعيشٍ ناصِبٍ ... وإخالُ أني لاحقٌ مُسْتَتْبَعُ ومنه غُبَّرُ اللبن لبقيَّته في الضَّرْع، وغُبَّرُ الحَيْض أيضاً، قال أبو كبير الهذلي، ويُروى لتأبَّط شراً:
2240 - ومُبَرَّأً من كل غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وفَسادِ مُرْضِعَةً وداءٍ مُعْضِلِ
ومعنى «من الغابرين» في الآية أي: مِن المقيمين في الهلاك. وقال بعضهم: «غَبَر بمعنى مَضَى وذهب» ومعنى الآية يساعده، وأنشد للأعشى:
2241 - عَضَّ بما أَبْقى المَواسِيْ له ... مِنْ أُمِّه في الزمن الغابر
أي: الزمن الماضي. وقال بعضهم: غَبَر أي غاب، ومنه قولهم: «غبر عنا زماناً» وقال أبو عبيدة: «غَبَرَ: عُمِّر دهراً طويلاً حتى هَرِم، ويدل له: {إِلاَّ عَجُوزاً فِي الغابرين} [الصافات: 135] . والحاصلُ أن الغُبور مشتركٌ كعسعس أو حقيقةٌ ومجازٌ وهو المرجح. والغبار: لما يَبْقى من التراب المُثار. ومنه {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} [عبس: 40] تخييلاً لتغيرها واسودادها. والغَبْراء الأرض. قال طرفة:
2242 - رأيتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكِرونني ... ولا أهلَ هذاكَ الطرافِ المُمَدَّدِ
{"ayah":"فَأَنجَیۡنَـٰهُ وَأَهۡلَهُۥۤ إِلَّا ٱمۡرَأَتَهُۥ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَـٰبِرِینَ"}