والرَّجْفَةُ: الزلزلةُ الشديدة يقال: رَجَفَتِ الأرضُ تَرْجُف رَجْفاً ورَجِيْفاً ورجَفاناً. وقيل: الرَّجْفَةُ: الطامَّةُ التي يتزعزعُ لها الإِنسانُ ويضطرب، ومنه قيل للبحر: رَجَّاف لاضطرابه. وقيل: أصلُه مِنْ رجَفَ به البعيرُ إذا حرَّكه في سَيْره، قال ابن أبي ربيعة:
2235 - ولَمَّا رَأَيْتُ الحجَّ قد حان وقتُه ... وظَلَّتْ جِمال القومِ بالحيِّ تَرْجُفُ
والإِرجاف: إيقاعُ الرَّجْفَةِ، وجمعُه الأراجيف ومنه «الأراجيف ملاقيحُ الفِتَنِ» . وقوله: {يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة} [النازعات: 4] كقوله: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] ومنه:
2236 - تُحْيي العظام َالراجفاتِ من البِلى ... وليس لداءِ الرُّكبتين طبيبُ
والجُثُوم: اللُّصوقُ بالأرض مِنْ جُثُوم الطائر والأرنب، فإنه يَلْصِقُ بطنَه/ بالأرض، ومنه رجلٌ جُثَمَة وجَثَّامة، كناية عن النؤوم الكَسْلان، وجُثْمان الإِنسان شخصُه قاعداً. وقال أبو عبيد: «الجُثُوم للناس والطيرِ كالبُروك للإِبل. وأنشد لجرير:
2237 - عَرَفْتُ المُنْتَأَى وعَرَفْتُ منها ... مَطايا القِدْر كالحِدَأ الجُثُومِ
قال الكرماني:» حيث ذُكِرت الرَّجْفةُ وُحِّدت الدار، وحيث ذُكرت الصيحةُ جُمِعَتْ، لأنَّ الصيحةَ كانت من السماء فبلوغُها أكبرُ وأبلغُ من الزلزلة، فَذَكَرَ كلَّ واحدٍ بالأليق به. وقيل في دارهم: أي بلدهم. وقيل: المرادُ بها الجنسُ. والفاء في «فَأَخَذَتْهم» للتعقيب. ويمكن أن تكونَ عاطفةً على الجملة من قوله «فَأْتِنا» وذلك على تقديرِ قربِ زمان الهلاك من زمان طلب الإِتيان. ويجوز أن يُقَدَّر ما يَصِحُّ العطفُ عليه بالفاء، والتقدير: فوعدهم العذابَ بعد ثلاث فانقضت فأَخَذَتْهم.
ولا يُلتفت إلى ما ذكره بعضُ الملاحدةِ في قوله {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} وفي موضعٍ آخرَ: {الصيحة} [هود: 67] ، وفي موضع آخر {بالطاغية} [الحاقة: 5] واعتقد ما لا يجوز، إذ لا منافاةَ بين ذلك، فإن الرَّجْفَةَ مترتبةٌ على الصيحة، لأنه لمَّا صِيح بهم رَجَفَتْ قلوبُهم فماتوا، فجاز أن يُسْنَدَ الإِهلاكُ إلى كلٍ منهما. وأمَّا «بالطاغية» فالباء للسببية. والطاغية: الطُّغيان مصدر كالعاقبة، ويقال للمَلِكِ الجبار طاغية، فمعنى «أُهْلِكوا بالطاغية» أي بطغيانهم كقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ} [الشمس: 11] أي: بسبب طُغْيانهم.
وقوله «فأصبحوا» يجوز أن تكونَ الناقصةَ، فجاثمين خبرُها، و {في ديارهم} متعلِّقٌ به، ولا يجوزُ أن يكونَ الجارُّ خبراً و «جاثمين» حال لعدمِ الفائدة بقولك «فأصبحوا في دارهم» وإن جاز الوجهان في قولك: «أصبح زيد في الدار جالساً» ، ويجوز أن تكونَ التامَّةَ أي: دخلوا في الصباح، و «جاثمين» حال، والأولُ أظهرُ.
{"ayah":"فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُوا۟ فِی دَارِهِمۡ جَـٰثِمِینَ"}