قوله تعالى: {والذين كَذَّبُواْ} : يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ وخبره الجملة الاستقبالية بعده. والوجه الثاني: أنه منصوب على الاشتغال بفعلٍ مقدَّرٍ تقديرُه: سنستدرج الذين كذَّبوا والاستدراج: التقريبُ منزلةً منزلةً والأخذ قليلاً قليلاً، من الدَّرَج لأن الصاعد يرقى درجةً درجة وكذلك النازل. وقيل: هو مأخوذ من الدَّرْج وهو الطيّ ومنه: «دَرَجَ الثوبَ» : طواه، و «دَرَجَ الميتَ» مثله. والمعنى: تُطوى آجالهم.
وقرأ النخعي وابن وثاب: «سَيَسْتَدْرِجُهم» بالياء، فيحتمل أن يكون الفاعلُ الباريَ تعالى، وهو التفاتٌ من التكلم إلى الغيبة، وأن يكون الفاعلُ ضميرَ التكذيب المفهوم مِنْ قوله «كذَّبوا» . وقال الأعشى في الاستدراج:
2349 - فلو كنتَ في جُبٍّ ثمانين قامةً ... ورُقِّيْتَ أسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القولُ حتى تَهِرَّهُ ... وتَعْلَمَ أنِّي عنكمُ غيرُ مُلْجَمِ
ويقال: «دَرَجَ الصبيُّ» : إذا قارب بين خطاه، ودرج القوم: مات بعضهم إثرَ بعض.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَیۡثُ لَا یَعۡلَمُونَ"}