قوله: {فَيُدْهِنُونَ} : المشهورُ في قراءةِ الناس ومصاحفِهم «فيُدْهِنون» بثبوتِ نونِ الرفع. وفيه وجهان، أحدُهما: أنه عطفٌ على «تُدْهِنُ» فيكونُ داخلاً في حَيِّزِ «لو» . والثاني: انه خبرٌ مبتدأ مضمرٍ، أي: فهم يُدْهِنون. وقال الزمخشري: «فإنْ قَلَتَ: لِم رُفِعَ» فَيُدْهِنون «ولم يُنْصَبْ بإضمارِ» أَنْ «وهو جوابُ التمني؟ قلت: قد عُدِل به إلى طريقٍ آخر: وهو أنْ جُعِل خبرَ مبتدأ محذوف، أي: فهم يُدْهِنون كقوله: {فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً} على معنى: وَدُّوا لو تُدْهِنُ فهم يُدْهنون حينئذٍ، أو وَدُّوا إدهانَك فهم الآن يُدْهِنون لطَمَعِهم في إدْهانِك: قال سيبويه:» وزعم هارونُ أنها في بعضِ المصاحفِ: «وَدُّوا لو تُدْهِنُ فيُدِهنوا» انتهى.
وفي نصبه على ما وُجد في بعضِ المصاحفِ وجهان، أحدهما: أنه عطفٌ على التوهُّمِ، كأنه تَوَهَّم أَنْ نَطَقَ ب «أَنْ» فَنَصَبَ الفعلَ على هذا التوهُّم، وهذا إنما يجيءُ على القولِ بمصدرية «لو» وفيه خلافٌ مرَّ محققاً في البقرة. والثاني: أنه نُصِبَ على جواب التمني المفهومِ مِنْ «وَدَّ» والظاهرُ أنَّ «لو» هنا حرفٌ لِما كان سيقعُ لوقوعِ غيرِه، وأن جوابَها محذوفٌ، ومفعولُ الوَدادةِ أيضاً محذوفٌ تقديرُه: وَدُّوا إدهانَك، فحُذِفَ «إدْهانَك» لدلالةِ «لو» وما بعدها عليه. وتقديرُ الجوابِ لسُرُّوا بذلك.
{"ayah":"وَدُّوا۟ لَوۡ تُدۡهِنُ فَیُدۡهِنُونَ"}