قوله: {مَّهِينٍ هَمَّازٍ} : تقدَّم تفسيرُ مهين في الزخرف. والهمَّازُ: مثالُ مبالغةٍ مِنْ الهَمْزِ وهو في اللغةِ الضَرْبُ طعناً باليدِ والعَصا ونحوِها، واسْتُعير للعَيَّاب الذي يَعيب على الناسِ كأنه يَضْرِبُهم. والنَّميم قيل: مصدرٌ كالنميمة. وقيل: هو جَمْعُها، أي: اسمُ جنسٍ كتمرة وتَمر. وهو نَقْلُ الكلامِ الذي يسوء سامعَه ويُحَرِّشُ بين الناس. وقال الزمخشري: «والنميمُ والنَّميمة السِّعايةُ وأنشدني بعضُ العرب:
4292 - تَشَبَّبي تَشَبُّبَ النَّميمهْ ... تَمشْي بها زَهْراً إلى تميمهْ والمَشَّاء: مثالُ مبالغةٍ مِنْ المَشْيِ، أي: يُكْثِرُ السِّعايةَ بين الناس. والعُتُلُّ: الذي يَعْتِلُ الناسَ، أي: يَحْملهم ويَجُرُّهم إلى ما يَكْرهون مِنْ حبسٍ وضَرْبٍ. ومنه {خُذُوهُ فاعتلوه} [الدخان: 47] . وقيل: العُتُلُّ: الشديد الخُصومة. وقال أبو عبيدة:» هو الفاحِشُ اللئيم، وأنشد:
4293 - بعُتُلٍّ مِنْ الرِّجالِ زَنِيمٍ ... غيرِ ذي نَجْدةٍ وغيرِ كريمِ
وقيل «: الغليظُ الجافي. ويقال: عَتَلْتُه وعَتَنْتُه باللام والنونِ، نَقَله يعقوب. والزنيم: الدَّعِيُّ يُنْسَبُ إلى قومٍ ليس منهم. قال حسان:
4294 - زَنيمٌ تَداعاه الرجالُ زيادةً ... كما زِيْدَ في عَرْضِ الأديمِ الأكارِعُ
وقال أيضاً:
4295 - وأنتَ زَنيمٌ نِيْطَ في آل هاشمٍ ... كما نِيْطَ خلفَ الرَّاكبِ القَدَحُ الفَرْدُ وأصلُه مِنْ الزَّنَمَةِ: وهي ما بقي مِنْ جلْدِ الماعز مُعَلَّقاً في حِلَقِها يُتْرَكُ عند القَطْع فاستعير للدَّعِيِّ لأنه كالمُعَلَّقِ بما ليس منه. وقرأ الحسنُ» عُتُلٌّ «بالرفع على: هو عُتُلٌّ. وحقُّه أَنْ يُقْرَأَ ما بعدَه بالرفع أيضاً، لأنهم قالوا في القَطْع: إنه يبدأ بالإِتباع ثم بالقطع مِنْ غير عكسٍ. وقوله» بعد ذلك «، أي: بعدما وَصَفْناه به. قال ابن عطية:» فهذا الترتيبُ إنما هو في قولِ الواصفِ لا في حصولِ تلك الصفاتِ في المصوفِ، وإلاَّ فكونُ عُتُلاً هو قبل/ كونِه صاحبَ خير يمنعُه «. وقال الزمخشري:» بعد ذلك، بعد ما عُدَّ له مِنْ المثالبِ والنقائصِ «، ثم قال:» جَعَلَ جفاءَه ودَعْوَتَه أشدَّ مُعايَبةً؛ لأنه إذا غَلُظَ وجفا طَبْعُه قسَا قلبُه واجْتَرَأَ على كلِّ معصيةٍ «.
{"ayah":"وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافࣲ مَّهِینٍ"}