الباحث القرآني
قوله تعالى: {حَقَّ قَدْرِهِ} : منصوبٌ على المصدر وهو في الأصل صفة للمصدر، فلما أُضيف الوصف إلى موصوفه انتصب على ما كان ينتصب عليه موصوفه، والأصل: قَدْره الحق كقولهم: جَرْدُ قطيفة وسحق عمامة. وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي: جَرْد قطيفة وسحق عمامة. وقرأ الحسن البصري وعيسى الثقفي: «قدَّروا» بتشديد الدال، «قَدَره» بتحريكها، وقد تقدَّم أنهما لغتان.
وقوله: «إذ قالوا» منصوب ب «قَدَروا» وجعله ابن عطية منصوباً بقَدْره، وفي كلام ابن عطية ما يُشْعر بأنها للتعليل. و «من شيء» مفعول به زيدت فيه «مِنْ» لوجودِ شَرْطي الزيادة. قوله: «نوراً» منصوب على الحال وفي صاحبه وجهان، أحدهما: أنه الهاء في «به» فالعامل فيها «جاء» . والثاني: أنه الكتاب، فالعامل فيه «أنزل» و «للناس» صفة ل «هدى» .
قوله: «تَجْعلونه» يقرؤه ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيبة، وكذلك «يُبْدونها» و «يُخْفون» ، والباقون بتاء الخطاب في ثلاثة الأفعال، فأمَّا الغيبةُ فللحَمْل على ما تقدَّم من الغيبة في قوله: «وما قدروا» إلى آخره، وعلى هذا فيكون في قوله: «وعُلِّمْتُم» تأويلان أحدهما: أنه خطاب لهم أيضاً وإنما جاء به على طريقة الالتفات. والثاني: أنه خطاب للمؤمنين اعترض به بين الأمر بقوله: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ} وبين قوله {قُلِ الله} .
وأمَّا قراءةُ تاءِ الخطاب ففيها مناسبةٌ لقوله {وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تعلموا أَنتُمْ} ورجَّحها مكي وجماعةٌ لذلك، قال مكي: «وذلك أحسن في المشاكلة والمطابقة واتصال بعض الكلام ببعض، وهو الاختيار لذلك، ولأنَّ أكثر القراء عليه» . قال الشيخ: «ومن قال إن المنكرين العربُ أو كفار قريش لم يمكن جَعْلُ الخطاب لهم بل يكون قد اعترض ببني إسرائيل فقال خلال السؤال والجواب: تَجْعَلُونها قراطيس، ومثل هذا يَبْعُدُ وقوعُه؛ لأنَّ فيه تفكيكاً للنظم حيث جَعَلَ أولَ الكلام خطاباً للكفار وآخره خطاباً لليهود. قال:» وقد أُجيب بأنَّ الجميع لَمَّا اشتركوا في إنكار نبوَّة رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء بعضُ الكلام خطاباً للعرب وبعضه خطاباً لبني إسرائيل «.
قوله:» تَجْعلونه قراطيس «يجوز أن تكون» جعل «بمعنى صيَّر، وأن تكون بمعنى ألقى أي: تضعونه في كاغد. وهذه الجملة في محل نصب على الحال: إمَّا من» الكتاب «، وإمَّا من الهاء في» به «، كما تقدم في» نوراً وهدى «.
قوله» قراطيس «فيه ثلاثة [أوجه] ، أحدها: أنه على حذف حرف الجر أي: في قراطيس وورق، فهو شبيه بالظرف المبهم فلذلك تَعَدَّى إليه الفعل بنفسه.
والثاني: أنه على حذف مضاف أي: تجعلونه ذا قراطيس. والثالث: أنهم نَزَّلوه منزلة القراطيس. وقد تقدم تفسير القراطيس، والجملة من قوله «تبدونها» في محل نصب نعت لقراطيس، وأمَّا «تُخْفون» فقال أبو البقاء: «إنها صفة أيضاً لها، وقدَّر ضميراً محذوفاً أي: وتُخْفون منها كثيراً» . وأمَّا مكي فقال: «وتُخْفون» مبتدأٌ لا موضعَ له من الإِعراب «انتهى، كأنه لمَّا رأى خُلُوَّ [هذه الجملةِ من ضمير] يعود على» قراطيس «منع كونه صفة، وقد تقدَّم أنه مقدر أي: منها، وهو أولى. قد جوَّز الواحدي في» تبدون «أن يكون حالاً من ضمير» الكتاب «من قوله» تجعلونه قراطيس «على أن تجعل الكتاب القراطيس في المعنى لأنه مكتتبٌ فيها» انتهى. قوله: «على أن تَجْعل» اعتذارٌ عن مجيء ضميره مؤنثاً، وفي الجملة فهو بعيد أو ممتنع.
وقوله: «وعُلِّمْتُمْ» يجوز أن يكون على قراءة الغيبة في «يجعلونه» وما عُطِفَ عليه مستأنفاً، وأن يكون حالاً، وإنما أتى به مخاطباً لأجل الالتفات، وأمَّا على قراءة تاء الخطاب فهو حالٌ، ومَن اشترط «قد» في الماضي الواقع حالاً أضمرها هنا أي: وقد عُلِّمْتُمْ.
قوله: «قلِ اللهُ» الجلالة يجوز فيها وجهان أحدهما: أن تكونَ فاعلةً بفعلٍ محذوف أي: قل أَنْزله، وهذا هو الصحيح للتصريح بالفعل في قوله {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز} [الزخرف: 9] . والثاني: أنه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ تقديرُه: الله أنزله، ووجه مناسبتِه مطابقةُ الجوابِ للسؤال، وذلك أن جملة السؤال اسمية فلتكنْ جملةُ الجوابِ كذلك.
قوله: {فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} يجوز أن يكون «في خوضهم» متعلقاً ب «ذرْهُم» ، وأن يتعلَّق ب «يَلْعبون» ، وأن يكونَ حالاً من مفعول «ذَرْهم» ، وأن يكونَ حالاً من فاعل «يَلْعبون» فهذه أربعة أوجه، وأمَّا «يلعبون» فيجوز أن يكون حالاً مِنْ مفعول «ذرهم» ، ومَنْ مَنَع أن تتعدَّد الحال لواحدٍ لم يُجِزْ حينئذ أن يكون «في خوضهم» حالاً مِنْ مفعول «ذرهم» بل يجعله: إمَّا متعلقاً ب «ذَرْهُمْ» كما تقدم أو ب «يَلْعبون» أو حالاً من فاعله، ويجوز أن يكون «يلعبون» حالاً من ضمير «خَوْضهم» ، وجاز ذلك لأنه في قوة الفاعل لأنَّ المصدرَ مضاف لفاعله؛ لأن التقدير: ذرهم يخوضوا لاعبين، وأن يكونَ حالاً من الضمير في «خوضهم» إذا جعلناه حالاً لأنَّه تضمَّن معنى الاستقرار فتكون حالاً متداخلة.
{"ayah":"وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦۤ إِذۡ قَالُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرࣲ مِّن شَیۡءࣲۗ قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِی جَاۤءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورࣰا وَهُدࣰى لِّلنَّاسِۖ تَجۡعَلُونَهُۥ قَرَاطِیسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ كَثِیرࣰاۖ وَعُلِّمۡتُم مَّا لَمۡ تَعۡلَمُوۤا۟ أَنتُمۡ وَلَاۤ ءَابَاۤؤُكُمۡۖ قُلِ ٱللَّهُۖ ثُمَّ ذَرۡهُمۡ فِی خَوۡضِهِمۡ یَلۡعَبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق