الباحث القرآني
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} : هذه الجملة فيها أوجه، أحدهما: أنها مستأنفة قالوا: ولا يجوز أن تكون منسوقةً على ما قبلها، لأن الأولى طلبية وهذه خبرية، وتُسَمَّى هذه الواوُ واوَ الاستئناف. والثاني: أنها منسوقةٌ على ما قبلها ولا يُبالى بتخالفهما وهو مذهب سيبويه، وقد تقدَّم تحقيق ذلك، وقد أَوْرَدْتُ من ذلك شواهد صالحة من شعر وغيره. والثالث: أنها حالية أي: لا تأكلوه والحال أنه فسق. وقد تبجَّح الإِمام الرازي بهذا الوجه على الحنفيَّة حيث قَلَبَ دليلهم عليهم بهذا الوجه، وذلك أنهم يمنعون مِنْ أَكْلِ متروك التسمية، والشافعية لا يمنعون منه، استدلَّ عليهم الحنفية بظاهر هذه الآية فقال الرازي: «هذه الجملة حالية، ولا يجوز أن تكون معطوفة لتخالفهما طلباً وخبراً فتعيَّن أن تكون حالية، وإذا كانت حالية كان المعنى: لا تأكلوه حال كونه فسقاً، ثم هذا الفسق مجمل قد فسَّره الله تعالى في موضع آخر فقال: {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} [الأنعام: 145] يعني أنه إذا ذُكر على الذبيحة غيرُ اسم الله فإنه لا يجوز أكلُها لأنه فسقٌ» ونحن نقول به، ولا يلزم من ذلك أنه إذا لم يُذْكَر اسمُ الله ولا اسمُ غيره أن تكون حراماً لأنه ليس بالتفسير الذي ذكرناه. وللنزاع فيه مجال من وجوه، منها: أنها لا نُسَلِّم امتناع عطف الخبر على الطلب والعكس كما قدَّمْتُه عن سيبويه، وإن سُلِّم فالواو للاستئناف كما تقدَّم وما بعدها مستأنف، وإن سُلِّم أيضاً فلا نُسَلِّم أنَّ «فسقاً» في الآية الأخرى مُبَيِّن للفسق في هذه الآية، فإنَّ هذا ليس من باب المجمل والمبيِّن لأن له شروطاً ليست موجودةً هنا.
وهذا الذي قاله مستمد من كلام الزمخشري فإنه قال «فإن قلت: قد ذهب جماعة من المجتهدين إلى جواز أَكْلِ ما لم يُذْكَرِ اسم الله عليه بنسيانٍ أو عَمْد. قلت: قد تأوَّله هؤلاء بالميتة وبما ذُكر غيرُ اسمِ الله عليه كقوله: { أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} [الأنعام: 145] فهذا أصل ما ذكره ابن الخطيب وتبجَّح به.
والضمير في» إنَّه «يحتمل أن يعود على الأكل المدلول عليه ب» لا تأكلوا «وأن يعود على الموصول، وفيه حينئذ تأويلان: أن تجعل الموصول نفس الفسق مبالغةً أو على حذف مضاف أي: وإن أكله لفسق، أو على الذِّكْرِ المفهوم من قوله» ذُكر «. قال الشيخ:» والضمير في «إنه» يعود على الأكل قاله الزمخشري واقتصر عليه «. قلت: لم يَقْتَصِرْ عليه بل ذكر أنه يجوز أن يعود على الموصول، وذكر التأويلين المتقدمين فقال:» الضمير راجع على مصدر الفعل الداخل عليه حرفُ النهي بمعنى: وإن الأكل منه لفسق، أو على الموصول على أن أكلَه لفِسْق، أو جَعَلَ ما لم يُذكر اسمُ الله عليه [في] نفسه فسقاً «.
قوله: {لِيُجَادِلُوكُمْ} متعلقٌ ب «يُوحُون» أي: يوحون لأجل مجادلتكم. وأصل «يُوحون» : يُوحِيُون فأُعِلّ. «وإن أَطَعْتموهم» قيل: إنَّ لام التوطئة للقسم فلذلك أجيب القسم المقدَّر بقوله «إنكم لمشركون» وحُذِف جواب الشرط لسدّ جواب القسم مَسَدَّه، وجاز الحذف لأنَّ فعل الشرط ماض. وقال أبو البقاء: «حَذَفَ الفاء من جواب الشرط، وهو حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي، وهو ههنا كذلك وهو قوله وإن أَطَعْتموهم» . قلت: كأنه زعم أن جواب الشرط هو الجملة من قوله «إنكم لمشركون» ، والأصل «فإنكم» بالفاء لأنها جملة اسمية، ثم حُذِفت الفاءُ لكونِ فعل الشرط بلفظ المُضيّ، وهذا ليس بشيء فإن القَسَمَ مقدر قبل الشرط، ويدل على ذلك حذفُ اللام الموطئة قبل «إن» الشرطية وليس فعل الشرط ماضياً كقوله تعالى: {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ} [الأعراف: 23] فههنا لا يُمْكنه أن يقول: إن الفاء محذوفة لأن فعل الشرط مضارع، وكأن أبا البقاء والله أعلم أخذ هذا من الحوفي فإني رأيته فيه كما ذكره أبو البقاء، وردَّه الشيخ بنحوٍ مما تقدم.
{"ayah":"وَلَا تَأۡكُلُوا۟ مِمَّا لَمۡ یُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَیۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقࣱۗ وَإِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ لَیُوحُونَ إِلَىٰۤ أَوۡلِیَاۤىِٕهِمۡ لِیُجَـٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











