قوله: {أَلاَّ تَطْغَوْاْ} : في «أنْ» هذه وجهان، أحدُهما: أنَّها الناصبةُ، و «لا» بعدها نافيةٌ، و «تَطْغَوْا» منصوبٌ ب «أنْ» ، وأنَّ قبلَها لامَ العلةِ مقدرةً، تتعلَّقُ بقولِه: «ووَضَع الميزانَ» التقدير: لئلا تَطْغَوا، وهذا بَيِّنٌ. وأجاز الزمخشريُّ وابنُ عطية أَنْ تكونَ المفسِّرَةَ، وعلى هذا تكونُ «لا» ناهيةً والفعلُ مجزومٌ بها. إلاَّ أنَّ الشيخَ رَدَّه: بأنَّ شَرْطَها تقدُّمُ جملةٍ متضمنةٍ لمعنى القول، وليسَتْ موجودةً. قلت: وإلى كونِها مفسِّرةً ذهبَ مكي وأبو البقاء: إلاَّ أنَّ أبا البقاءِ كأنَّه تَنَبَّه للاعتراضِ فقال: «وأَنْ بمعنى أَيْ، والقولُ مقدَّرٌ» ، فجعل الشيءَ المفسَّرَ ب «أَنْ» مقدَّراً لا ملفوظاً بها، إلاَّ أنه قد يُقال: قولُه/ «والقولُ مقدَّرٌ» ليس بجيدٍ، لأنها لا تُفَسِّرُ القولَ الصريحَ، فكيف يُقَدِّر ما لا يَصِحُّ تفسيرُه؟ فإِصْلاحُه أَنْ يقولَ: وما هو بمعنى القول مقدرٌ.
{"ayah":"أَلَّا تَطۡغَوۡا۟ فِی ٱلۡمِیزَانِ"}