قوله: {أَمْ يَقُولُونَ} : قال الثعلبي: «قال الخليل: كلُّ ما في سورة الطور/ مِنْ» أم «فاستفهامٌ وليس بعطفٍ» . وقال أبو البقاء: «أم في هذه الآياتِ منقطعةٌ» . قلت: وتقدَّم لك الخلافُ في المنقطعةِ: هل تتقدَّرُ ب بل وحدَها، أو ب بل والهمزةِ، أو بالهمزةِ وحدَها، والصحيحُ الثاني. وقال مجاهد في قوله: «أم تأمرهم» تقديره: بل تأمرهم. وقرأ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونُ} بدلَ «أم هم» .
قوله: {نَّتَرَبَّصُ} في موضعِ رفعٍ صفةً لشاعر. والعامَّةُ على «نتربَّصُ» بإسنادِ الفعل لجماعة المتكلمين «ريبَ» بالنصب. وزيدُ بن علي «يتربَّص» بالياء مِنْ تحتُ على البناء للمفعولِ «ريبُ» بالرفع. وريبُ المنونِ: حوادثُ الدهرِ وتقلُّباتُ الزمانِ لأنها لا تدوم على حالٍ كالرَّيْبِ وهو الشَّكُّ، فإنه لا يبقى، بل هو متزلزِلٌ قال الشاعر:
4118 - تَرَبَّصْ بها رَيْبَ المنونِ لَعَلَّها ... تُطَلَّقُ يوماً أو يموتُ حليلُها
وقال أبو ذُؤَيْب:
4119 - أمِن المَنونِ ورَيْبِه تتَوَجَّعُ ... والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
والمنون في الأصل: الدهرُ. وقال الراغب: «المنون المنيَّة، لأنها تَنْقُصُ العددَ وتَقْطَعُ المَدَدَ» ، وجَعَل مِنْ ذلك قولَ: {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: 8] أي: غيرُ مقطوع. وقال الزمخشري: «وهو في الأصلِ فَعُول مِنْ منَّه إذا قطعه لأنَّ الموتَ قَطوعٌ ولذلك سُمِّيت شَعُوب» . و «ريبَ» مفعولٌ به أي: نَنْتَظِرُ به حوادثَ الدهرِ أو المنيَّة.
{"ayah":"أَمۡ یَقُولُونَ شَاعِرࣱ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَیۡبَ ٱلۡمَنُونِ"}